وروى ابن جُرَيج عن عمرو بن دينارٍ عن ابن عباس قال: "كان المسلمون
لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فيعلمون أنّ
السورة قد انقضَت ".
وروى عطاء عن ابن عباس قال: "كنّا نتعلمُ القرآنَ
على عهد رسول الله - ﷺ - فما يُعرَفُ فصلُ السورة حتى تنزل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". وكلُّ هذا يُنبئُ عن أنّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آية منزلةٌ عندَ فواتح السور، ولفظُ الأخبار توجبُه.
قالوا: على أننا نعلمُ علما لا شك فيه أنه قد ادّعى كونَ بسم الله الرحمن
الرحيم قرآنا منزلاً عند فواتح السُّور جماعةٌ من الصحابة، وأعلنوا ذلك
وظهرَ عنهم وعُرِفَ القولُ به من دِينهم، فلم يُنكِر ذلك عليهم أحد ولا ردَّهُ
ولا قال فيه قولاً يمكن ذكره وحكايتُه، وهذا أيضاً يدل على ظهور هذا القول بينَهم وتسويغه والرضا به والمصير إليه، لأنّه ليس مما يجوز أن يُقال إنَّ كل مجتهدٍ فيه مُصِيب أو إنَّ الإثم عن مُخطىء الحق فيه موضوع، لأنّه إدخال
في القرآن ما ليسَ منه، وهو بمثابة إخراج بعضه منه، وليس ذلك كمسائل
الأحكام، والقولِ في الحلال والحرام الموكول إلى الاجتهاد بالرأي عند
عدم النصوص، فيُظَن تسويغُ إطلاقِه مع الخلاف فيه واحتمال الأمر.
وقد تظاهرت الأخبارُ والرواياتُ عن عبد الله بن عباس "أنه كان يقولُ
قولاً ظاهراً فيمن يتركُ افتتاح السُّوَر بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حتى ترك


الصفحة التالية
Icon