ذلك إلى ابن مسعودٍ وحدَه إلقاءً خاصا لا تقومُ الحجةُ به ولا يعرفه مِن دينه
غيرُ عبدِ الله وحدَه، لأنه لم تكن هذه عادتَه صلى الله عليه في بلاع القرآن.
ولو جازَ ذلك عليه لجازَ أن يُبين بعضَ الحروف السبعة وبعضَ ترتيبِ
السُّور لعبد الله بن مسعودٍ وحدَه، ولا يُوقِفَ عليه غيرَه، ولو أمكنَ ذلك
لأمكنَ أيضا وجاز أن يُتينَ بعض القرآن الذي كان أُنزِلَ عليه ويبلغه إلى ابن
مسعودٍ وحدَه دونَ غيرِه، فإذا كان هذا باطلاً مِن قولنا جميعاً وجب أحدُ
أمرين:
- إما أن يكون هذا الخبرُ ضعيفاً مدخولاً لم تقم به الحجّة عن عبد الله.
- أو يكون ثابتاً، ويكون ذلك مما كان مباحاً أن يَختِمَ السورةَ بخاتمتين
على التخيير بغير اشتراطِ وجهين من القراءة ثم نُسخ ذلك وذهبَ عن عبد
الله، أو يكون مما كان مباحاً ومشروطاً أن تُقرأ السورةُ على وجهين، لكل
وجهٍ فيهما خاتمةٌ مخصوصة، فنُسِخَ أحدُ الوجهين ونُسخت خاتمتُه وبقيَ
الوجهُ الآخر وبقيَ أيضا خاتمته، وذهبَ ذلك على عبدِ الله وعرفَتْهُ الأمَّة.
فإما أن يكونَ باقياً ثابتاً ولا تعرفه الأمَّة ولا تقف عليه الأمّة، ولا تقف عليه
من دين الرسول إلا عبدُ الله وحدَه، فإئه باطلٌ بعيدٌ لما بيناه مِن قبلُ، فيسقط
بما وصفناه من تعلقهم بهذه القصة.
فإن قالوا: أفليسَ قد روى ابنُ جُرَيج عن عطاءٍ أنّ رسولَ الله - ﷺ - مرَّ بأبي بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - وهو يُخافِتُ في قراءته، ومر بعمرَ - رضي الله عنه - وهو يجهر، وببلالٍ وهو يقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة، فقال: "كل ذلك حسن " أو نحوَه من الكلام، وهذا إقرارٌ منه


الصفحة التالية
Icon