عاصمٍ عن زِرِّ بن حُبَيشٍ عن عبدِ الله بن مسعودٍ قال: "تمارَينا في سورةٍ
من القرآن، فقال بعضُنا خمسٌ وثلاثون، وقال بعضُنا سث وثلاثون، فأتَينا
رسولَ الله - ﷺ - فتغيَّر لونُه، وأسرَّ إلى عليّ عليه السلامُ شيئاً، فسألنا عليّاً: ما قال رسولُ الله - ﷺ -، فقال: "إن الله يأمرُكم أن تقرؤوا القرآنَ كما عُلمتُموه ".
وهذا الخبرُ يدل على أنّه لم يأمرهم بعَدِّ الآي بل نهاهم عنه إذ ذاك، أو
أطلقَه لهم ووكله إلى آرائهم وما يؤديهم الاجتهادُ إلى أنّه فصلٌ وموضعُ آخرِ
الآية، ليستعينوا بذلك على الحفظ ويقيِّدوه، ويدلُّ أيضاً على أنّهم كانوا
يعُدُّون عدّاَ مختلفا.
فإن قالوا: فهل تقطعون بهذا الخبر على أنّ القومَ كانوا يعُدُّون في زمن
الرسول صلى الله عليه أم لا؟
قيل لهم: لا لأنه من أخبار الآحاد التي لا تُوجِبُ علما.
فإن قيل: أفتُجوِّزون أن يكونوا قد كانوا يعُدُّون إذ ذاك؟
قيل لهم: يجوز ذلك.
فإن قيل: فهل تجوِّزون أن يكونَ عددُهم لآياتِ السور وقدر الآياتِ
متفِقاً أو أن يكون ذاك مختلفا؟