مستحِقة للتسمية بأنها آيةٌ على الحقيقة عندَ من أدّاه اجتهادُه إلى أنه موضعُ
الفصل، وغير مستحِقةٍ لذلك في الحقيقة على قول من لم يؤده الاجتهادُ إلى
ذلك، وهذا القولُ قريب لا دَخَلَ عليه.
وقال فريق آخرُ من الناس: إن الآيةَ إنما سُمِّيت آيةً لانفصالِها عن الآيةِ
الأخرى، وأنّها في القرآنِ بمثابةِ البيتِ من القصيدة والقوافي في الشعر، غيرَ
أنه لا يتميَّزُ كتميزِ القوافي في موضع الرَّوِفيَ من الشعر، لأنّ الآية َ ليست
منفصِلة عن الأخرى بمثل القافيةِ والزَوِي من الشعر، ولذلك اختُلف في قدرٍ
كثيرٍ من الآيات، وإنّما تنفصل الآية ُ منَ الآية ِ الأخرى بقصد المتكلِّم بالقرآن إلى فصلِ ذلك القدرِ منه مما بعده وقطعه عنه، وإذا لم يقصد ذلك لم تكن آية ولا موضع الفصل، وقصدُه إلى ذلك لا يتبين ويظهر للحسّ.
ولكن لو جعلَ عليه علامةً من الكتابة عندَ رسمه لعُرِفَ ذلك من حالِهِ.
كنحو ما يجعله الكاتبُ في كتابته في البياض ومدِّ الأحرف في مواضع
الفصول، وإن كان من لم يشاهد ذلك ولا يعرف قصدَه إلى الفصل إذا أمكن
أن يكونَ بعضُ الكلام متعلقاً ببعض.
وإذا كان ذلك كذلك فلا بد على هذا مِن أن يكونَ الله تعالى قد قصدَ
إلى قطع الكلام عمّا بعده وإفرادِه عنه، فيكون ذلك موضعَ الآيةِ عندَه وفي
معلومه، وأن لا يكون قصدَ ذلك، فلا يكون موضعُ آيةٍ عندَه، غيرَ أنه لم
ينُص للعباد على ذلك ولا كلَّفهم إياه ولا أمَر الرسول بحَدٍّ فيه، فهو إذن
بمثابةِ قولِ القائل: أي شيءٍ يُحسِن زيدٌ، وقوله: سلالم عليكم الذي يصح أن يقصد الاستفهامَ عما يُحسِنه أو التقليلَ له أو التفخيمَ والتعظيم.
ويصح أن يقصدَ بقوله: سلامٌ عليكم الهَزْلَ والاستجهال ويصح أن يريد
التحية والإكرام، فيصير مرةً تحيةً واستفهاماً بالقصد، ويصير الكلامان تارةً