وساغ أن يقولَ أيضا: "سرقَ الشيطانُ آية" أي: أنه سرَقَ موجبَ آيةٍ وهو قولُه: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)، إذا احتملَ قولُه جميعَ ما ذكرناهُ وبطلَ التعلّقُ به.
ويمكنُ أن يكونَ معنى قوله: "سرَقَ الشيطانُ آيةً من كتابِ الله "، أي:
سرقَ قرآناً ثابتا في النمل، ومفتَتَحاً به في الحمد، وفي كلّ سورةٍ، لأنه قرآن
من النملِ يُفتتح به عندَه في غيرِه، وقد كانَ أنسُ بن مالك يُنكرُ ما يقولُه ابنُ
عباس، ويُروي أنّ النّبي - ﷺ - وسلم ومن بعدَه من الأئمةِ لم يكونوا يقرؤون ببسم الله الرحمن الرحيم، فَروى مالكٌ عن حُمَيدٍ عن أنس: "أن النّبي - ﷺ - وأبا بكرٍ وعمرَ كانوا لا يقرؤون ببسم الله الرحمن الرحيم ".
فإن قيل: أرادَ أنهم كانوا لا يجهرون بقراءَتها.
قيل لهم: ظاهرُ الخبرِ تركُ القراءةِ بها جملة، لأنّ تركَ الجهرِ بالقراءة
ليس بترك للقراءة، فلا وجهَ للعدولِ بالخبرِ عن ظاهرِه.
وشيءٌ أَخرُ وهو أنه إن كان معنى الخبرِ تركَ الجهرِ بها فذلك دليل على أنها ليست من الحمد لاتّفاقِهم على الصلاة التي يجب الجهرُ فيها، لا يَجهَرُ فيها ببعضِ السورة ويُخافتُ بالبعضُ، كما لا يفعل ذلك فيما عدا الحمد من السورة التي يجبُ الجهرُ فيها.