وفُسِّرت السبعةُ الأوجُه بتفسير وردَ عن النبيِّ - ﷺ - والصحابة لا يجوزُ أن تُلغي من الوجوهِ السبعةِ وجها ثابتاً غير منسوخ، فوجبَ أن لا يكونَ للمرسَلات خاتمتان بإجماعهم على منعِ ذلك، وأن لا يكون هو من السبعةِ الأوجهِ من القراءات الثابتة على ما سنبيّنه فيما بعدُ عندَ بلوغِنا إلى الكلام في هذا الباب إن شاء الله.
فإن قيل: فلمَ لم يظهر في الناس نقلُ هذا الحكم وهو أن للمرسَلات
خاتمتين نُسِخَت إحداهما؟
قيل لهم: لأنّه ليس من شأنِ الناسِ في العادة أن يَصرِفوا هِمَمَهم إلى
نقلِ ما كان ورُفِعَ وإذاعته، وإنّما يأخذون أنفسَهم بذكرِ ما ثبتَ واستقرَّ عليهم فرضه، وربّما نقلوا فرضَ التلاوةِ المنسوخة والحكمَ الذي تضمَّنها وعدلوا عن نقلِ التلاوةِ الموجِبةِ لها إذا نُسِخَت وأُزيلَت وبقيَ حُكمها، وإذا كان ذلك كذلك لم يجب أن يعبأَ الناسُ بأنّه كان للمرسَلاتِ خاتمتان نُسخَت إحداهما، وإنّما ذكرَ ذلك ابن مسعود لنسيانٍ كان عن نسخِ إحدى الخاتمتين.
فلما عرفَ ذلك بنقلِ مَن نقله إليه وأخبرَه به استقرَت قراءَتُه وعملُه
بذلك، وهذا ينفي التخييرَ الذي ادّعوه، وهذا الذي ذكرناه أولى مِن قول من قال إنّه قد كان لها خاتمتان إذا قُرئت على وجهين، وإنّ عبدَ الله شكَّ في
الوجهِ الذي قُرِئت عليه كانت خاتمته كذا وكذا ولم يشك في الخاتمتين.
وإنّ إطلاقَ قراءَتِها على الوجهين وخَتْمَها بالخاتمتين ثابت مستقِر إلى أن
ماتَ رسولُ الله - ﷺ -.