ومقاصده، ولولا أن ذلك قد كان منه لم يكن إلى التأويل عليه سبيلٌ ولا
طريقٌ، وليس لأحدٍ أن يقولَ: ما يكونُ السببُ الذي كان منه غير ما وصفتم، لأنه لا شيء ظهر عنه وحالٌ بدتْ يُوهّم بها عليه ما أُضيف إليه غيرُ ذلك، ولو قد كان منه أو حدث هناك في باب المعوّذتين شيء غيرُ ما وصفناه
لوجب ذكرهُ وتوفُّرُ الدواعي على نقله، وليس في شيءٍ من هذه الأمور ما
يدلُّ على أنّ عبدَ الله لم يكن يعتقدُ كون المعوذتين قرآناً مُنزَلاً من كلام الله
تعالى ووَحيه وإن رأى أن لا يسمّيه قرآناً.
فإن قال القائل: فخبّروني قبل أن تكلّموا على تأويل سبب كل خبرٍ كان
منه في هذا الباب: إذا كنتُم قد عرفتُم أنه ليس فيما ذكر عنه من هذه الأمور
ما يدلُّ على إخراجه المعوّذتين من القرآن، فلم سأل زِرّ بنُ حُبيشٍ أُبيّاً عن
ذلك، ولم سأل الناسُ علقمة والأسودَ وغيرهما من أصحاب عبد الله عن
المعوّذتين وعن قولهم وقول عبد الله في ذلك؟
قيل لهم: إنَّ هذا أيضاً مما لا يلزمُنا عُهدتُه وتطلُّبُ المخرج منه، ولا
معرفةُ السبب الباعث على السؤال عن ذلك والمبين له، غير أنّنا نقول: ليس
يمتنعُ أن يكون زِزٌ بنُ حُبَيشٍ وغيرُه ممّن سأل أصحاب عبد الله عن هذا
الباب توهّموا أو خطرَ لهم أنّ عبد الله قد اعتقدَ أنّهما ليستا من القرآن لتركه الصلاة بهما أو تركه تسميتهما قرآناَ وتركه إثباتهما في مصحفه، ولم يكن منهم نظر في ذلك وتَوفيةٌ للفحص عنه حقّه، فلمّا نظروا وتأمّلوا عرفوا أنّه ليس في شيءٍ من ذلك ما يدلُّ على ماظنُّوه، ولمّا لم يجد زِرُّ بنُ حُبَيشٍ عندَ


الصفحة التالية
Icon