نستعينُك، واللهمّ إيّاك نعبُد، وتركَهُن ابنُ مسعود، وكتب عثمان منهم فاتحة الكتابِ والمعوّذتين ".
وروى الشَعبي عن ابن عَوفٍ عن محمدِ بن أُبي بن كعب: "كتب أُبي خمس سُوَر في المصحف، فاتحة الكتاب والمعوّذتين، واللهمُ إنّا نستعينك، واللهمّ إياك نعبدُ، ولم يكتبهُنَّ ابنُ مسعود، فلمّا جمع ابنُ عفّان المصحف كتب ثلاثا وأخر اثنتين، فاتحة الكتاب والمعوذتين، وأخر اللهمّ إنا نستعينك، واللهمّ إيّاك نعبد".
فمَن ظنّ بعبد الله أنّه إنما أسقط المعوذتين من مصحفه لكونهما غير
قرآن عنده لزمه مثلُ ذلك في إسقاطه الحمدَ من مصحفه، ومن اتَهمَ عبد الله
بذلك وقَذَفَه به واعتقد فيه فليس هو عندنا بمحل من يُكلم في العلم ولا ممّن
يُرجى فهمه واستدراكُه.
فأما تركُ عبد الله لإفرادهما في درسه وإفرادهما في الصلاة بهما إذا
صلى ويملأُ وقته أبدا في الصلاة والدرس بغيرهما، إن كان فعل وثبت من
اختياره فإنّه لا يدُل أيضاً على أنه كان لا يعتقدُهما قرآنا مُنزَلاً، لأجل أنّه قد
يعتقدُ أن السُّنّة والفضل والاختيار في أن لا يفرِدَهما في الدرسِ ولا في
الصلاة، لأنّ رسول الله - ﷺ - لم يفعل ذلك فيما رواه وسمعه.
وقد كان مجاهدٌ فيما ذكر عنه يَكرَهُ ذلك، وروى يحيى بنُ أبي بُكَيرٍ عن إبراهيم بن نافعٍ قال: سمعتُ سُلَيماً مولى أم علي أنّ مجاهداً