هذه الجملةِ دلالةٌ باهرةٌ واضحةٌ على أنّ هذه الأخبارَ متكذَّبةٌ على عبد الله
بن مسعودٍ لا أصلَ لها، أو محمولة متأوَّلة على ما قلناه دون الجَحْدِ والإنكار
منه لكونهما قرآنا، وأنّه لا خلافَ بين سَلَفِ الأمّة في كونِ المعوذتين قرآنا
مُنزَلاً وكلاما لله تعالى، وأنّ النقلَ لهما والعلمَ بهما جارٍ مجرى نقلِ جميعِ
القرآنِ في الظهورِ والانتشار وارتفاعِ الريب في ذلك والنزاع.
وأمّا اعتراضُهم بأنه لو كان نقلُ القرآن ظاهراً مشهوراً عندَهم لم يحتجْ
أبو بكرٍ في إثباتِ ما جمعه منه إلى شهادةِ شاهدَين عليه، ولم يَشُك زيد في
آياتٍ منه لمّا جمعَه في أيام عثمان، فسنقولُ في ذلك قولاً بيّناً عندَ القولِ في
جمع أبي بكرٍ القرآنَ وجمعِ عثمانَ الناسَ على مصحفه، ونُجِيبُ هناك عن
جميعِ ما يَسُوغُ التعلق به إن شاء الله.


الصفحة التالية
Icon