قالوا: على أن في الخبرِ إحالةً عن وجوهٍ أُخَر، منها:
- أنّه لا يجوزُ أن يُقال: أُنزل القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ قبلَ نزولِ جميع
القراءاتِ الكاملة، وأنتم ترون أنّ رسولَ الله - ﷺ - قال ذلكَ قبل موتهِ بدهرٍ طويل، فهذا إحالة منكم.
ومنها: أنّ في الخبر ما يُوجِبُ إبطالَه، لأنه إذا نزلَ القرآنُ على سبعةِ
أحرفٍ أدّى ذلك إلى الاختلافِ والنزاع والهَرَج والرَّيبِ والشكِّ وإلى مثلِ ما
رَوَيتم أنّه جرى بينَ عُمرَ وهشامِ بن حكيمٍ وأُبيٍّ وعبدِ الله بن مسعود مع
مَن سمعوه يقرأ بخلافِ ما أقرأهُما الرسولُ - ﷺ - حتى شك أُبيّ واضطربَ على ما رويتُم، وذلك ما لا يجوزُ رده.
فيقالُ لهم: ليسَ في جميع ما وصفتُم شيءٌ يُعترَضُ على نقلِ القرآنِ ولا
يُوهِنُه ولا يُوجِبُ دخولَ زيادةٍ فيه ولا نقصانٍ منه، ولا تغييرٍ له ولا إمكانِ
ذلكَ فيه، وليسَ الخبرانِ اللذانِ يُذكر فيهما أن القرآنَ أُنزلَ على أربعةِ أحرفٍ وثلاثةِ أحرفٍ مناقضين للخبرِ الذي فيه أن القرآنَ أُنزل على سبعةِ أحرف، وليسَ منافرةُ عُمَرَ بنِ الخطاب لهشامِ بنِ حكيم، ومنافرةُ أبي وعبد الله لمن نافراه واستشنعا قراءته بدليلٍ على أنّ أمرَ القرآنِ نفسِه وما أُنزلَ منه لم يكن ظاهراً معلوما عندَهم، وكذلكَ ليسَ اختلافُنا نحنُ اليومَ في تأويلِ هذه
السبعةِ الأحرفِ دليلاً على أن نصَّ رسول الله - ﷺ - على نفس القرآنِ وتأليفِ آياتِ سُوَرِه لم يكن ظاهراً مشهوراً، ونحن نبينُ ذلكَ بما يُوضَحُ الحق إن شاءَ الله.


الصفحة التالية
Icon