اللفظِ والإعرابِ والتقديمِ والتأخير، وإنّما هي سبعةُ أوجهٍ من أسماءِ الله
تعالى لها سبعةُ معاني وسبعُ عباراتٍ مختلفة، وليس يجب إذا أَنزلَ اللهُ تعالى
القرآنَ على هذه السبعةِ الأحرفِ والتي قبلها أن ينزلَه على سبعة أحرفٍ على
السبعتين الأولتين، لأن ذلك غيرُ متنافٍ ولا متضادٍ ممتنع.
فإن قال قائل: فما تقولون في بقاءِ حكمِ هذه السبعةِ الأحرفِ الثابتة.
وممّا رُوي من تفسيرها، وأنه يجوزُ أن يُجعل مكانَ غفورٍ رحيمٍ ومكان
حكيمٍ عليمٍ ومكان عزيزٍ عليمٍ ما لم يُختم عذابٌ برحمةٍ أو رحمة بعذاب.
هل حكمُ ذلك باق، وهل يجوزُ أن يكون مكانَ كلّ اسمٍ لله تعالى من هذه
الأسماءِ غيره مما هو بمعناه أو مخالف لمعناه أم لا؟
يقال له: نقولُ في ذلك إن هذه الروايةَ إذا صحَّت وثَبَتَت، وجب أن
يُحملَ الأمرُ فيها على أنّ ذلك كان شائعا مطلقا ثم نُسخ ومُنع وأُخذَ على
الناس أن لا يُبَدلوا أسماءَ اللهِ تعالى في آيةٍ وموضعٍ من المواضعِ بغيره، مما
هو بمعناه أو مخالف لمعناه، لأنّ ذلك مما قد اتفقَ المسلمون عليه، ولذلك
لم يَسُغ أن يُقالَ قلْ أعوذ برب البشرِ مكانَ الناس، وقل أعوذ بخالقِ الناسِ
مكانَ ربِّ الناس، وتبارك اللهُ أحسنُ المقدرينَ أو المخترعينَ أو المنشئين
مكانَ قوله الخالقين، في أمثال ذلك مما قد اتُفِق على منعِه وحظْرِه، فثبت
أنّ هذا ممّا كان مطلقاً مباحا، ونُسخ.
ويجوز أن يكون قد شُرع في صدرِ الإسلام أن يُجعلَ مكانَ الحرفِ
الواحد خلافُه مثلُ مكان عليمٍ قدير، وأن يُجعلَ مكانَه مثله مثلُ مكان غفورٍ
رحيم، ثم نُسِخَ ذلك من بعد، فأما أن يُجْعلَ مكانَه ضده مثلُ مكان غفورٍ
شديدُ العقاب، فلم يكن ذلك جائزاً بالإجماع.