يجعلَ مكان اسم الشيء المذكور في الآية غيرَه من أسمائِه التي هي بمعنى
ذلك الاسم، أو أباحَ ذلك في سبعةِ أسماءٍ فقط، إما من أسماءِ اللهِ تعالى أو
من أسماء غيره، أو أباحَ ذلك في سبعِ كلماتِ ليست بأسماءَ له، معنى كل
واحدةِ منها معنى الأخرى، وأطلق القراءةَ بأيها شاءوا وخَيّرهم في إبدال
الاسمِ والكلمة بما هو بمعناها في تلك السبعِ الكلماتِ أو الأسماء المخصوصة.
ثم إنه سبحانه حظر ذلك بعد إباحته ومنَع على ما بيَّناه من قبل.
وتحتمل هذه الرواية أيضا أن يكون من سعيدِ بن المسيبِ تفسيرٌ لبعض
الحروفِ السبعة، الشافي حكمُ القراءةِ له، فكأنه قال: هذه سبيلُ السبعةِ
الأحرفِ أو أكثرها في أنه اختلافٌ بالإعرابِ والتقديم والتأخير والإمالة
وتركها، والجمعِ والتوحيدِ لا يفسدُ معنىَ ولا يغيره، مثلُ الصوف المنفوش
مكان العهن، وقوله إن كانت إلا زقيةَ واحدةَ مكان صيحة، وطعامُ الفاجر
مكان الأثيم، مثل هَلُمَ وتعال وأقبل، وكأنّه فَسر السبعةَ بوجهِ منها، ليبينَهُ
بذكره على أنّها أو أكَثَرها جارية مَجَرى ذلك الوجه، في أنّها لا تغيرُ مَعنى
ولا تُفْسِدُه، وإن كان فيها ما يختلف معناه اختلافا لا يُتضاذُ ويتنافى على ما
سنبينه فيما بعد إن شاءَ الله، فهذا وجهُ القول في هذا التفسير المروي عن
سعيد بنِ المسيب وما جرى مجراه مما رُوي عن غيره.
وأما الوجهُ الرابعُ من ضروبِ السبعةِ الأخَر: فهو الضربُ الذي صوب
فيه رسول الله - ﷺ - القراءة بجميعِها، وأنّه وافاه عُمَر وهشامٌ وأبى وعبدُ اللهِ وعمروُ ومن خالفَه على سائرها، وهي التي راجعَ اللهَ تعالى فيها فزادَهُ وسهّلَ على أمتِه لعلمِه بما هم عليه من اختلافِ اللغاتِ واسستصعابِ مفارقةِ الطبعِ والعادةِ في الكلام إلى غيره، وتأويل هذا الضرب من السبعةِ الأحرف أنه أنزلَ على سبعِ قراءاتِ وسبعةِ أوجه، وقولهُ أحرفِ وقراءاتِ ولغاتِ وأوجهِ