ومواعظُ وأمثال وجحود وتشبيه وخبرُ ما قبلُ وخبر ما بعد، وأنها أسماء اللهِ
تعالى وصفات أو أنها أسماء سبعة تترادفُ على شيءِ واحدٍ بمعنىَ واحدِ
وغير ذلك مما حكيناه، لأنه لو كان الأمرُ على ما ذكروه لكان القاريء
لكتاب اللهِ تعالى مخيراً في أن يجعلَ مكانَ الأمر نهياً، ومكانَ الخبرَ
استخباراً، ومكانَ الوعدَ وعيداً، ومكانَ التمنّي تشبيها، وموضعَ التشبيه
جحوداً، وموضعَ الجحود مثلاً، وأن يجعلَ مكانَ عزيزٍ حكيم سميع عليم.
وأن يجعلَ موضعَ قديرٍ جواد كريم، وأن يجعلَ مكان نزلَ به الروحُ الأمينُ
هبطَ به، ومكان إني ذاهب إلى ربي إني منصرف إلى ربي، وموضعَ قوله
تعالى: (وَجَاء ربكَ) أقبل ربك.
ولمَا أجمعَ المسلمونَ على فساد ذلك أجمع، وحظرِه وتحريمهِ وأنَّه لا
يحل ولا يسوغُ إبدالُ الوعيدِ بالوعدِ والجحدِ بالمثلِ والخبرِ بالاستخبار
والذهاب بالانصراف، وأنّ الواجبَ قراءةُ كل شيءٍ من ذلك على ما هو
مكتوب مرسوم بغير تغيير ولا تبديل، سقطت هذه التأويلات سقوطاً ظاهراً.
ومما يوضّح فسادَ ذلك أيضاً ما رويَ عن النبي - ﷺ - من أن جبريلَ أقرأهُ القرآنَ بحرفٍ ثم استزادَه فزادَه فقال - ﷺ -: "ما زِلت أستزيدُ جبريلَ ويزيدني حتى أقرأني بسبعةِ أحرف ".
وقد عُلمَ أنَّه لا يستزيدُ مكان الأمر نهياً وموضعَ الوعد وعيداً، ومكان الخبر استخباراً وأمثال ذلك مما قالوه.
ولا خلاف بينَ الأمةِ في إحالة هذه الاستزادة على الرسول، وإذا كان ذلك كذلك بطلت هذه التأويلات بطلاناً بَينا.
ومما يدلّ على فساد تأويل قول من قال: معنى الأحرف، عليمٌ حكيمٌ
وسميع بصير أن هذا في القرآن أكثر من سبعين اسماً وَصِفَةً وكل أسماء اللهِ


الصفحة التالية
Icon