هذه الرواية من أدل الأمور على إبطال قولهم بسقوط شيءٍ كثيرٍ من القرآن
وذهاب الأمة عن حفظه.
والدليلُ على أن هذه الآية كانت محفوظةَ عند غير عمر من الأمّة قوله:
"كنا نقرؤها"، وتلاوتُه لها بمحضرٍ من الصحابة وترك النكير لقوله والرد له.
وأن يقولَ قائل في أيّام حياتِه أو بعده أو مواجها له أو بغير حضرته متى نزلت
هذه الآية ُ ومتى قرأناها، والعادةُ جارية بمثل هذا في قرآن يُدعى إنزاله لا
أصلَ له ويُدعى فيه حضورُ قومٍ نبلٍ أخيار أبرار، أهلِ دينٍ ونسكٍ وحفظٍ
ولسنٍ وبراعة، وقرائح سليمةٍ وأذهانٍ صافية، فإمساكُهم عنه أوضحُ دليلٍ
على أن ما قالَه وادّعاهُ كان معلوما محفوظاَ عندهم، وكذلك سبيلُ غيرهم لو
كان هناك قرآن أكثرُ من هذا قد نزل وقُرىء على عهدِ رسولِ الله صلى الله
عليه، ولا سيما مع بقاء رسمه ولزوم حفظه وتلاوته، وهذا واضح في سقوط
قولهم.
وأمّا ما يدلّ على أنّ هذه الآية منسوخة برواية جميع من روى هذه
القصّة، وأكثر من تكلم في الناسخ والمنسوخ: أن هذه الآية كانت ممّا
أنزلت ونُسخت فهي في ذلك جارية مجرى ما أنزلَ ثم نُسخ، وهذه الروايةُ
حخة قاطعة في نسخ تلاوة الآية في الجملة، فإنها لمّا كانت قرآنا منزلاً
حُفظت واعترفَ الكلُّ بأنها قرآن منزل، وإن خالف قوم لا يُعتَدُّ بهم في
نسخها، فكذلك يجبُ لو كان هناك قرآن منزل غيرُ هذا أن يكون محفوظا لا
سيّما مع بقاء فرضه وتجبُ الإحاطة به، وإن اختلفت في نسخ حُكمه وتلاوته
لو اتفق على ذلك.
ومما يدلُّ أيضا على أن آيةَ الرّجم منسوخةُ الرسم قولُ عمرُ بنُ الخطابِ
في الملأ من أصحابه: "لولا أن يُقال زاد ابنُ الخطاب في كتاب الله لأثبتها"،