والوجه الآخر ما تضمنه من أخبار الغيوب، وذكر ما سيحدث ويكون.
والوجه الثالث: ما انطوى عليه من شرح أقاصيص الأولين وسنن
النبيين، وأحوال الأمم المتقدمين التي لا يعرفها ولا يحيط بها إلا من أكثر
لقاء الأمم، ودراسة الكتب، وصحبة الأحبار وحملة الآثار، مع العلم بنشوء النبي - ﷺ - في مقامه وظعنه، وأنه لم يكن يتلو قبل ذلك كتابا ولا يخط بيمينه، ولا ممن يعرف مداخلة أهل السبرِ وملابسات أصحاب الآثار وحفاظ الكتب والأخبار.
هذه جُمل ما نحتاج إلى الوقوف عليه من قولنا في هذه الفصول
والأبواب، وقد قال الملحدون وأشياعهم من الطاعنين على النبوة والتوحيد
أن القرآن مدخول، وأنه غير ثابت ولا مضبوطٍ، وأن منه ما يعلم أن محمداً
- ﷺ - يأتي به، وفيه ما لا يعرف ذلك من حاله، وأن فيه لحناً وتناقضاً وفساداً كثيراً، وما لا معنى له، ولا يحسُن التكلمُ به، وتعلقوا في ذلك بأمور سنذكر عُمَدها، ونأتي على نقضها والكشف عن فسادها.
وزعم قوم من الرافضة أن القرآن قد بُدِّل وغُيّر وخولف بين نظمه
وترتيبه، وأحيل عما أنزل إليه، وقُرئ على وجه غير ثابت عن الرسول.
وأنه قد زيد فيه ونُقص منه، وقال بعضهم: قد نُقص منه ولم يزد فيه، وأن
لو قُرئ كما أنزل لوُجد فيه لعنُ قوم من قريش وصحابة الرسول - ﷺ - بأسمائهم وأنسابهم، ولوُجد فيه أسماء الأئمة الاثني عشر منصوصاً عليها، كما نص على ذكر الرسول جمييه وغيره من الأنبياء.
وأننا لا ندري لعل الذي في أيدينا من القرآن أقلّ من عُشر ما أنزله الله
تبارك وتعالى، وأن الداجنَ والغنم قد أكل كثيراً مما كان أُنزل وأُوجب على
الأمة حفظُه وضبطه، وأن علمَ ذلك ومعرفته عند الإمام الوافر المعصوم،