يقال لهم: ما الدليلُ على صحة نقلكم هذا مع مخالفتنا لكم فيه، وما
أنكرتم من أنه لو كان نقل الشيعة لذلك صحيحا فيه شرطُ التواترِ لوجب أن
نعلمَ ضرورة أن في صدر الأمة من قال إن القرآن قد نُقص منه وغُيرَ عما
أنزل عليه على ما ذكرنا من قبل، فلمَّا لم نعلم من ذلك شيئا عُلم فسادُ
إدخالهم، ولأن الإسماعيليةَ والغالية يزعمون أنّهم قد نقلوا خلفا عن سلف
لهم عن الأئمة أن الأمر في أصول الدين وفروعه على ما يعتقدونه ويُنزلونه.
ولأن الشيعة معترفة بحجج بعضها إذا نُقل عن سماع ومشاهدة، وكلُ فريق
منهم يذكرُ أنه أخذ دينه في الأصول والفروع جميعا عن سلف لهم، والسلفُ
عن سلفٍ إلى أن ينتهي ذلك إلى الأئمة وإلى قوم منهم في الأصل تقومُ بهم
الحجة، فيجبُ لذلك العملُ على قول جميع الشيعة مع اختلافها، وإذا كانت
هذه دعاوى متكافئة لا يُعلمُ صحةُ شيء منها بطل جميعها، ولأنهم مثلُ هذا
النقل يدعون في النص على علي عليه السلامُ ورواية الأخبار الكثيرة في
وجوب شتم السلف ولعنهم والبراءة منهم ومن سائرِ أتباعهم، ونحنُ فلا
شبهة علينا في كذب هذا الخلف الذي يدينُ بذلك في الأئمة وجُلة
الصحابة، فلا مُعتبر بهذه الدعاوى التي قد أُخلقت وعُرِف جوابُها وأغراضُ
مدعيها، وقد بسطنا الأدلةَ عليهم في هذه الفصول وما جانسها والدعاوى
وما أشبهها في كتاب: الإمامة" بما يُغني الناظر فيه.
فأمَّا ادعاؤهم أنّ عبد الله بن مسعود كان يقرأ: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ (بعلي) وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾.
وأنه كان يقرأ في آل عمران:
﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ (وآل محمدِ) عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
فإنه بُهتٌ وزُورٌ وليس هذا بمعروفِ، في أصحاب الحديث ولا مروي رواية ما قدمنا ذكرهُ من السواد، ولو كان بمثابته السداد لكانت الحالُ فيه لهي كما قدمنا