بتصويبه، ولو كان الأمرُ عند علي عليه السلامُ في أمر القرآن كما يدعيهِ الشّيعةُ من تغييره وتبديله ومخالفة نظمه الذي أنزل عليه، وإسقاط كثيرِ منه أو الزّيادة، لم يسعهُ السكوتُ عن إنكاره لذلكَ وتوقيف الناس على تغيير كتاب الله وتبديله، وتحريفه وتصحيفه ودخوله الخلل فيه، وإشاعة ذلك في شيعته والمنحرفين عنه، لأنه أحق من أمر بمعروفٍ ونهى عن منكر، ولا شيءَ في المنكر أعظم وأفحشَ من تغييرِ الكتاب وتحريفه وإفساد نظمه وترتيبِه، لأن ذلك إفساد للدين وإبطال للشّرع، وعلي عليه السلام أجلُّ قدرا وأرفعُ موضعا وأشد احتياطا لدينه وللأمة من أن يتَساهل في إقرار مثل هذا ويُسامحُ نفسه به، ولو كان منه قول في ذلك لوجب أن يعلمهُ على حدّ ما وصفناهُ من قبل.
فإن قالوا: قد نقلت الشّيعة، وببعضُهم تثبُتُ الحجَّة ُ عن مثلهم عن عليّ
عليه السلامُ أنه أنكر على القومِ وخالفَهم وعرفهم أن القرآن ناقص مغير
محرَّف.
قيل لهم: هذا بهتٌ منكم وشيء وضعه قوم من غُلاتكم، والقادحين في
الشريعة، وإلا فما نقل أحد من أسلاف الشيعة في ذلك حرفا واحدا، بل نُقل أنّه كان داخلاَ في الجماعة ومُقرا بما اتفقوا عليه ومُصوّباَ له، وأنه كان يقريءُ به ويعلّمه، وعلى ذلك الدهماءُ من الشيعة والسوادُ الأعظمُ إلى اليوم، وبعدُ فما الذي قالهُ لهُم لمَّا وقَّفهم على تبديل القوم وتغييرهم وما الذي عرفهم به مما غيره، وما الذي لقنهم مما أسقطوه وكيف يمكنه أن يقول لهم: إن القومَ حرّفوا كتاب الله وغيروه، ولم يمكنه أن يوقفهم على موضع التّغيير
ويذكُر لهم الذي ألغوه منهُ وكتموه، وهو لو قال لهم ذلك لكان أظهر لحجّته


الصفحة التالية
Icon