وإن هم قالوا: أنتم تعلمون ضرورةً صحة َ نقل من نقلَ هذا من الشيعة
عن علي، ولا تشكُون عند سماعِ نقلِهم أن عليّا قد خالف القومَ وأنكر ورودَ
ما - صنعوه، قيل لهم: ما الحيلةُ عندنا في أمرِكم إلا السكوتُ عنكم وتنبيهُ
الناس على بُهتكم، وكثرةِ التعخب مما أحوجَكم في نصرتِه إلى هذا البُهت
والعِناد والمكابرة، فإنكم تعلمونَ ضرورةً أن قلوب جميعِ مخالفيكم خاليةٌ
فارغة من العلم بما وصفتم، وأنهم جميعاً معتقدون لتكفِير مَن دان بذلك
والبراءة منه، وإن كنتم تقنَعون منا بالإيمان على وجودنا أنفسنا غير عالمة
بما قلتم واذعيتُم عليها، بَذَلنا لكم منها ما يُقنعكم، وإن أبيتم إلا القحاح
والمكابرة، فما الفرق بينكم وبين من قال: إنكم تعلمون ضرورةً أنكم
تكذبون في دعواكم هذه على علي، وتجدون أنفسَكم عالمةً بخلاف ذلك.
وتعلمون ضرورةً أننا نعلم أنكم تكذبون، ولولا أنكم قد اضطررتم إلى العلم
بأنكم تكذبون لم نجد أنفسنا مصرةً إلى العلم بكذبكم، وهذا مما لا سبيلَ
لهم إلى الخروج عنه أبداً.
فإن قالوا عند تحصيل هذا الكلام: ما أنكرتم أن يكون ما نقلتموه من
متابعة علي الجماعةَ وإظهارِه، والاقتداء بمصحف عثمانَ والعمل به، فيه
تفضيل لأبي بكرٍ وعمر وعثمان، وحسنُ الثناء عليهم وجميلُ القول فيهم.
صحيحا على ما وصفتُم، وأن يكون إنّما فعلَ ذلك على وجه التقية والخوف
من إظهارِ حقهِ وإنكارِ باطله، - وكشفِ تحريفهم وتحيرهم وقد كانت التقيةُ
دينه، قيل لهم: وما الذي خافه في ذلك، وأيُّ شيء منعهُ منه، ومَن الذي
قُتل أو سُجن أو عُسّف في أيام عثمانَ بحضور الجماعة على حقٍ قالَه ودَعا
إليه، ولو جرى ذلك على علي عليه السلام لا مِن مثله عليه معَ عظم قدره
وشجاعته وعزةِ نفسه والعلمِ بتقدمه في الإسلام وسابقته وقرابته وفضله ومنع