وأنّه هو كتابُ الله المنزّلُ على ما أنزل، وقرأوا به وأقرأوه على سبيل التقية
والخوف من قتلِ الظالمين وسيوفِهم وسطوتهم؟! لأن القوم كانوا شيعةَ أبي
بكر وعمر وعثمان.
فإن قالوا: نعم، ولا بُدَّ من ذلك لأنّه دينُ جميعهم، قيل لهم: فهل دل
إظهارُهم لذلك على أنهم كانوا يعتقدون ما يُظهرونه.
فإن قالوا: نعم، قيل لهم: فما أنكرتم إذا كان هذه جائزاَ على الأئمة
من أن يكون جميعُ ما أظهره علي عليه السلام وولَدهُ من بعده من هذه
القراءات والأقاويل في القرآن إنما أبدوه وقالوا على سبيل التقية من مالكٍ
الأشتر وعَمرو بن الحمق، وبُديل بن ورقاء الخزاعي ومحمد بن أبي حذيفة.
والتجيبي والغافقي وحكيم بن جبلة العبسي، وسائر أهل الفتنة الذين كانوا
يدعون إلى إمامته ويُظهرون موالاته، وأنهم كانوا مع ذلك لا يتعلّقون في
الدّين بشيء، وأنّهم تهددوهُ وتوعدوه بأنه لم يُظهر مخالفةَ القوم في
المصحف، والوصفِ لهم بالظلم اغتالوه وسفكوا دمه، فخاف عند ذلك
سطوتهم وعلمَ مخالفَتهم ومفارقَتهم للدين، وأنّهم ليسوا بشيعةٍ لأبي بكرٍ
وعمر وآله، فلمّا خافهم على نفسه أظهر ولده من ذلك ما رَويتُم، ولم يكن
هؤلاء عِترته على اعتقاد شيء من ذلك، وكذلك كانت حال محمد بن الحنفيّة، والصادق والباقر في أنهم جميعا كانوا يخافون سطوةَ من يتأكَل بهم ويُنسبُ إليهم وإلى موالاتهم، ويرهبونَهم ويخافونهم على أنفسهم، فأظهروا هذه ْالقراءات وهذه الأقاويل في القرآن على وجه التقيَة والخوف من المختار بن عبيد، وأمرائه من جنده من كان في عصرِهم ممن يُنسب إلى التشيع، وتعلَمُ هذه الفرقةُ من أهلِ البيتِ أنهم ليسوا من المسلمين - في - شيء -، وأن تكون بواطنهم منظومةَ على خلاف ما أبدوه أظهروه، فإن ذلك ليس بأعظم من