وإلى أن دينَ عليٍّ والجماعة ما وصفناه، فلمَّا اضطُرِرنا إلى ذلك علِمنا أنكم
قد اضطررتم إلى ما نحنُ إلى العلمِ مضطرون، ولا جواب لهم عن هذا أبداً -
فإن قالوا: إنما يعلمُ دينَ أهلِ البيت مَن توالاهُم وثبت النص عليهم
وتبرأ من أعدائهم، وهذه هي صفةُ الشيعة.
قيل لهم: نحن نتوالهم ونتبرّأ من أعدائهم ولا نُثبتُ النص عليهم، ولو
كنتم مُحقين في إثباتِ النص عليهم وكنَّا نحن في إنكارِه مبطلون، لم يدلّ
ذلك على أنكم لا بد أن تضطروا إلى العلم بدينهم في القرآن إذا جازت عليه
التقيةُ مع ثبوتِ النص، وقد يُعرف دينُ الرجل وما يقصد أن يضُر به مخالفُهُ
وعدوه كما يعرفُه موافقه ومُواليه، فلا متعلق ولا طائلَ فيما ذكرتُم فبطل
بذلك توهيمُكم بذكر الولاءِ والبراءِ وعودِكم إلى النص.
ثم يقالُ لهم: إن وجبَ القطعُ على صدقِ هذه الطبقةِ من الشيعة في
روايتهم عن علي والسلفِ الصالحِ من ولده في تغيير القرآن ونقصانه، فما
أنكرتُم من وجوبِ تصديقِ الفريقِ الآخرِ من الشيعةِ الذين يروون عن مثلهم
مع كثرة عددهم واختلاف هممهم وتفرق ديارهم عن عليٍّ والأئمة من ولَده
أن هذا القرآنَ المرسومَ بين اللوحين هو جميعُ كتاب الله المنزل على رسوله
على ترتيبه ونظامه غيرَ مغيّر ولا مبدّل ولا مزيدٍ فيه، وأنهم كانوا يقرؤونه
ويُقرئونه ويوقفونهم على اعتقادهم لصحته وكماله وتمامه، والكذبُ
مستحيل على مثلهم، وخبرهُم هذا معارض لخبركم في نقيض موجبِه، وقد
علمتم علما لا يتخالجكم فيه الشك والريب أن في الشيعة خلقاً عظيما
يعتقدون في صحة القرآن ونظمِه وترتيبه اعتقادَ أصحابِ الحديثِ وسائر فرقِ
الأمة، وأئهم يروون ذلك عن علي عليه السلام والأئمة من ولده، فما الذي
جعل خبرُكم بالتوثيق والتصديق أولى من خبرِهم وهم في الكثرة كأنتم بل