وكفِّ الحربِ، وهم الذين عناهُم بقولهِ: "بدَّل الله لي بكم أصحابَ معاويةَ صرفَ الدرهمِ بالدينارِ"، وكثرةُ الذم لهم والدعاءِ عليهم، وتمني الخلاصِ
منهم، وما حُفظ عليه شيء من ذلك في فريقٍ من الأمَّةِ قبلَ أيام نَظرِه بأواخرِ
أفعالهِ وأقوالِه الواقعةِ منه في هذه الأيامِ أشبهَ بأن تكونَ واقعةً على سبيلِ
التُقيةِ إذ كانت أسبابُ التُميةِ ظاهرةً، وقد بئتا في غيرِ موْضعٍ بطلانَ هذه
التُقية، وأنَّه لا أصلَ لها ولا دليلَ لهم عليها بما يُغني عن رَده.
وكلُ هذه الرواياتِ عن علي في القرآنِ وفي القِراءاتِ المنسوبةِ إلى
مصحفِ عثمانَ نقيضُ تواتُركمِ عنه الذي تدعونه، ومع ذلكَ فقد وافقتمونا
على أنه كان مُظهراً للجملة التي ذكرناها عنه في باب القرآن، ونحنُ غيرُ
موافقين لكم في روايَتكم عنهُ أنه قالَ في بعضِ الأوقات غيرَ ذلك، وأنَّه إنما
أظهرَه على سبيل التقية، وإذا كان ذلكَ كذلكَ كانت أخبارنا أولى بالثبوتِ والصحةِ من أخبارِكم من كلِ وجهٍ وطريق.
وكذلك أيضا فقد روى أصحابُ الحديثِ كافةً عن كافةٍ خلَفا عن سلَفٍ
من تفضيلِ علي عليهِ السلامُ لأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ، وتعظيمِ شأنِهم وجميلِ
الثناء عليهم ما في بعضهِ دلالة على أنهم لم يغيروا القرآنَ ولا بدلُوه ولا شيئا
من أحكام الدينِ، فمِن هذهِ الأخبارِ ما رَوتهُ الجماعةُ عن أبي الأحوصِ عن
أبي جحَيفة قالَ: "سمعتُ علي بنَ أبي طالبٍ عليهِ السلامُ على منبرِ
الكوفةِ يقول: إن خيرَ هذهِ الأمَّة ِ بعدَ نبيها أبو بكر، ثمَّ خيرهُم بعد أبي بكرٍ
لم أجده.