وتنكب قوسه وانتضى أسهما في يده وأحضرَ عِترتِه، ومضى قبل الكعبة.
والملأ من قريش بفنائها، فطافَ بالبيت سبعا متمكنا، ثمّ أتى المقام فصلى
متمكنا، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، فقال لهم: شاهت الوجوه لا
يُرغمُ الله إلا هذه المعاطِس، من أرادَ أن تثكُله أمّه أو يوتَّم ولَده أو يُرمّل
زوجته فليلقني وراء هذا الوادي، قال عليّ عليه السلام: فما تبعه أحد إلا
قوم من المستضعفين عليهم دارَ شَرُّهم ومضى لوجهه".
ورووا جميعاً عن عبد الله بن عباس وغيره من الصحابة أن عمر لما ماتَ
دخلَ عليه علي بن أبي طالبٍ عليهما السّلام وهو مسجا بثوبه، فقال: ما أحد أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجَّا بينكم، ثم قال: رحمك الله يا ابن الخطاب أن كنت بذات الله لعليما، وأن كان الله في صدرك لعظيماً
وأن كنت لتخشى الله في النّاس ولا تخشى الناسَ في الله، كنت جواداً بالحقّ
بخيلاً بالباطل، خميصاً من الدنيا بطينا من الآخرة، لم تكن غيّاباً ولا
مدَّاحا".
في أمثالٍ لهذه الأقاويل كثير قالها ورواها في عمر، فيها من
تفضيلِه وتعظيمِ شأنه وذكر قدره ومحلِّه عند الله ورسوله، ومكانِه من الذين، يُؤذِنُ بفضلٍ عظيمٍ وتقديمٍ شديدٍ، كرهنا الإطالة بها، كل هذه الأقاويل
والروايات لا تجوز عندنا وعندهم أن نقولها ونرويها في قومٍ ابتدعوا في
الدين ما ليس منه بجمع كتابِ الله بين لوحين، وغيَّروا القرآن وبذلوا كثيراً