قيل: وكذلكَ بينكم وبين أئمتكم والعِترةِ التي ذكرتُم خلق من العامة لا
يبعدُ تكذُّبُهم ووضعُهم، ولا يمتنعُ ذلك عليهم، ولا جوابَ عن هذا أبداَ.
ثم يقال لهم: أنتم لَم تلَقُوا عليا ولا أحداَ من العِترَة والأئمة من ولدِه.
وإنما تروُونَ أخباركم هذه عمَّن يرويها لكم عنِ الأئمة، والوسائطُ عندكم
غيرُ معصومين من الكذب والبُهتان والافتعالِ والغَلط والنسيان، فما أنكرتم
أن تكونَ أخبارُكم هذه كَذِبَا على علي والأئمةِ من ولَده، وأن يكونَ من وضعِ الدعاة والأبواب والوسائط، فلا يجدون إلى دفع ذلك سبيلاً.
فأمَّا قولُكم: إتا لا نَقْبَل خبرَ الصادقِ والباقرِ والرضا وأمثالِهم، ونقبلُ
خبرَ الزُهري وسعيدِ بن المسيِّبِ ومالكٍ وسفيانَ ومن جرى مجراهُم، فإنه
بهتٌ منكم وكذِبٌ على خصومكم بل من ديننا تصديقُ جميعِ ما ذكرتم مِن
أهلِ البيتِ ومن هو دونَهم والعملُ على خَبرِه، إذا سُمع منهم أو صحَّ وثبتَ
عنهم، وإنَّما نَردُّ أخباركم الباطِلةَ عندنا عنهُم لعِلمِنا بتكذيبِ الوَسائطِ عنكُم بينهم ووضعِهم عليهم الكذبَ والبهتان، وإن طريقكم إليهم قبيح وعرٌ مظلم، فنحن إنما نكذبكم أنتم تارةً ونكذبُ أخرى القومَ الذين بينكم وبين هؤلاء الأئمة، فأما هم عليهمُ السلامُ فائمتنا وسادتُنا، ومَن أُخِذ علينا
حجتُهم وموالاتُهم والتقرب إلى اللهِ سبحانُه في إعظامهم وإجلالهم وحُسنِ
الثناء عليهم، فكيف نكذبُ قوماً هذا قدْرُهم عندنا وفي أنفسِنا.
فأمَّا تقريعُكم لنا بقولنا الأخبارَ عن الزهري ومعمَرٍ وسعيلد بن المسيب
ومالكِ وسفيانَ ومن جرى مجراهم، فإنه أيضا جهل منكم، لأن هؤلاءِ أعلام
وأئمة في حديث رَسول الله - ﷺ - ِ والحفظِ له والإحاطةِ به، ونفيُ الكذبِ عنه، ولكل رجلٍ منهم من الفضائلِ والأفعالِ والأقوالِ الدالة على تَوخَي الصدقِ وشدة التحرِّي في الحديثِ والامتناع من الأخذ عن الضعفاء