فرقِ الأمَّةِ ومعظمِ الشيعة المخالفين لكم في هذا الباب والمقرِّين معنا بسلامةِ
هذا المصحفِ من التحريف والتغييرِ والئقصان نخالفكم فيها، وننْسِبُكم نحن
وجميعُ من وافقكم إلى الكذب في ادعائها، فما الدليل إذا كان ذلكَ كذلكَ
على صحة قولكم إن اللهَ تعالى ورسُوله رتباه وألفاهُ على سبيلِ ما أنزل عليهِ
في التقديمِ والتأخير، وخبرونا عنكم باضطرارِ تعلمون صحة هذه الدعوى
أم بحجةِ ودليل؟.
فإن قالوا: باضطرار، عرفنا ذلك، عارضناكم بأننا مضطرون إلى العلمِ
بأن الأمرَ على خلافِ ما ادَّعيتموه، وأنهم يكذِبون في هذه الدعوى، وأن الله
تعالى أمرَ بتأليف القرآنِ ونظمِه إذ ذاك على ما جمَعه أبو بكرِ وعثمانُ
وجماعةُ الأمَّة، وهذه الدعوى أحق وأولى لأن نقلَ الكافة وارد بها وناطق
بصحتها ودعواهم فارغة لا حجة معها ولا فصلَ في ذلك.
فإن قالوا: إنَّما علِمنا أن اللهَ سبحانهُ ألف القرآنَ على حسبِ ما نزَل
وقدمه في التنزيل وأخَّره بنقل مَن قالَ بهذا المذهب مِن الشيعة عن الأئمة
عليهمُ السّلامُ.
قيل لهم: قد مضى جوابُ هذا فيما سلَف بِما يُغني عَن إعادته، وجملتُه
أننا لا نعلمُ صحة هذا النّقلِ بل نعتقدُ بطلانَه ونعرفُ بحرصِ ناقله، فإن كنتم
تعلمونَ صِدقَ مَن نقلَ ذلكُم إليكم من الشَيعةِ ضرورة، فلسنا نضطرُ إلى
ذلكَ، وإن كُنتم تعلمونَ صدقَهم بدليلِ فما الدليل عليه.
فإن قالوا: الدليلُ على ذلكَ كثرةُ نقَلةِ هذا الخبرِ من الشيعةِ وامتناعُ
الكذبِ عليهم.