لم يثبت عن عثمانَ وعائشة، ولم ينتشَرْ في الصَّحابة فإنه لا فصلَ له في شيء
من ذلك، وإذا كانَ هذا هكذا بطلت دعوى الضّرورة إلى صحة هذهِ الرواية.
لمان قالوا: بدليلٍ نعلمُ صحَّتها وحجّةٍ دون الضّرورة.
قيل لهم: وما ذلكَ الدليلُ والحجة، أهوَ إجماعُ الأمَّة ِ على تصحيح هذهِ
الرواية عنهما، أو توقيفِ اللهِ ورسُولهِ على ذلك، أو إيجابِ العقلِ لقولهما
لذلك، أم أي شيءٍ هو، فلا يجدونَ إلى ذكر شيءٍ سبيلاً.
فلو كان هذا الخبرُ سليما مما يدلُّ على اضطرابِه وفسادِه، ويمكنُ أن
يكونَ صحيحا عَن عثمانَ وحالُه ما وصفناه، لم يجبْ القطعُ به والعملُ عليه.
فكيفَ وفي نقلهِ من الاضطِرابِ ما يوجبُ تركَ الإصغاءِ إليه والعملِ عليه.
وذلكَ أن هذا الخبرَ إنَّما مدارهُ على قتادةَ وعنه يُروى، وقتادةُ إنما أرسلَهُ عن
عثمانَ وتارةً يرويهِ عن يحيى بنِ يَعمُر وهوُ لم يسمعهُ من يحيى بنِ يَعمر.
وإنما سمعَه على ما ذكره من قومٍ من أهل العلمِ عن نصرِ بنِ عاصمٍ
الجحْدَري، ويحيى بن يَعمرَ يرويه عن رجلٍ مجهولٍ مشكوكٍ فيه غير
معروفٍ وهو ابنُ فُطيمة أو ابنُ أبي فُطيمة، ولو كانَ هذا الرجلُ مشهوراً
معرُوفا لمَا وقعَ مثلُ هذا الشك في أمرِه.


الصفحة التالية
Icon