عن غرض الكتاب، ونحن نرجو إغناء من نصح نفسه وهُدي لرشده بقدر ما
نذكره واستقلاله به عن أمثاله، وما هو بمعناه وما توفيقنا إلا بالله وهو
المستعان.
قالوا: ومما يدل على تغيير القوم لكتاب الله تعالى ونقصانِهم منه ما في
مصحف عثمان من قوله عزَّ وجل: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣).
فذكر أمة واحدة ولم يذكر أخرى، وسواءٌ. - تأتي للمعادلة بين شيئين، يستويان ويتفاضلان، ومتى ذُكرَ أحدَهما ولم يذكر الأخرى كان الكلام ناقصا، مبتراً غير مفيد، قالوا: ومن هذه أيضاً قوله: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠).
وينبغي أن يقال: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لنالكم كذى وكذى أو
لأصابكم بكذى ونحوه، وإلا لم يكن الكلام تاما.
قالوا: وفيه أيضا قوله: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى)، ولم يقل لكان هذا القرآن أو مثل هذا القرآن ونحو
ذلك مما تتم به الفائدة، ومن هذا أيضا قوله، (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا)، ولم يذكر ضد هذا، ولا بد من ذكره ضده وخلافه.
لأنك تقول أم مَن هو مصدقٌ لك ومنقادٌ لأمرك كمن هو مخالفٌ عليك
ومكذب لك، ومتى لم يذكر نقيض الموصوف الأول أخلت، وتبتر الكلام.
قالوا: فوجبَ أن يكون هذا أجمع وأمثاله يقتضي من ناحية وضع اللغة.
ومُقتضى الخطابِ أن يكونَ القرآنُ المرسومُ في مصحفِ عثمانَ مغيراً ناقصا.
يقال لهم: لا يجبُ شيءٌ مما ظننتم، لأن سائر ما تعلقتم به وادعيتم الإحالة
فيه معروف مستعملٌ في اللغة، وقد تكلم فيه أربابها.
وقالوا: إنه باب حذف الجواب المقدر في الكلام على وجه الاختصار والاقتصارِ على شاهد الحال،