وقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣).
وقوله: (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)، وقوله: (مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ)، وقوله: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
وقال في هزيمة المؤمنينَ يومَ أحد: (وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ)، في نظائرِ هذه الآيات مما أخبرَ فيها أنه تعالى
تَولى إضلالَهُم والختمَ على قلوبِهم، وتغشيةَ أبصارِهم وجعلَ الأكنةَ على
قلوبِهم.
قالوا: ثم نقضَ ذلك أجمع بأن خبر في آياتٍ كثيرةٍ أنهم هم المضلون
لأنفسهم والخاتمون عليها وتبرّيه من معاصيهِم وإضلالِهم، ونُقضَ ذلك
أيضاً بأن أضافَ إضلالَهم مرةً إلى آلهتهِم ومرةً إلى الشيطان، ومرةً إلى
فرعونَ والسامري ومرةً إلى الشياطين، وكل هذا متهافتٌ متناقضٌ لا شبهةَ
في تناقُضه بزعمِهم.
فأمَّا نقضُه لذلك بإضافتِه إليهم فكثير، منه قولهُ سبحانه: (كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ)، وقولُه: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)
وقولُه: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا).
وقولُه: (وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ)، فأضاف ذلك
إليهم - دونه، وقولُه: (بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
وقولُه: (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠).
فأضافَ ذلك إليهم وقال: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).