أنّهم لا يؤمنونَ ولا يَعبدون اللهَ أبدا وإذا كان ذلك كذلك خرجَ الكلامُ على
هذا التأويل ِ عن أن يكونَ تكراراً.
ويُحتمل أيضًا أن يكونَ أراد لا أعبدُ ما تعبدونَ مع عبادتي الله بل أُفردهُ
بالعبادةِ وحدَه، ولا أنتم عابدون ما أعبدُ مع عبادتكم الأصنامَ ولا أنا عابد ما عبدتُم مفردا لعبادِته ولا قارنا بينها وبين عبادة اللهِ تعالى وهذا أيضاً يخرجُ
الكلامَ عن التكرار.
ويُحتمل أيضا أن يكونوا قالوا له: اُعبدْ بعضَ آلهتنا حتى نعبدَ إلهكَ
فقال: لا أعبدُ ما تعبدونَ ولا أُسَلِّمُه، ولا أنتم عابدونَ ما أعبد، يريدُ إن لم
تؤمنوا حتى أَعبُدَ أنا بعضَ آلهتكم، وهذا أيضًا يخرجُ الكلامُ من التكرار.
ويحتملُ أيضًا أن يكونوا قالوا له: اُعبدْ آلهتنا يوما واحدا أو شهرا واحدا
حتى نعبد إلهكَ يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل الله تعالى: (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥).
على شريطةِ أن تؤمنوا به في وقتِ وتشركوا به في وقتِ آخر، وهذا أيضا يُزيلُ معنى التكرار.
وقد قيل أيضا إنَّ قريشا أرادت النبي - ﷺ - على عبادةِ آلهتِها ليعبُدوا ما يعبدُ وأنّهم كرروا هذا القولَ وأبدوا وأعادوا به، فكررَ اللهُ سبحانه جوابَه، وأبدى وأعاده لكي يقطعَ بذلكَ أطماعَهم فيما أرادوه منه.
قالوا وهو تأويلُ قوله: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)، أي: تلينُ لهم فيلينون في أذاهُم، وهذا أيضا فائدة أخرى في جنسِ التكرارِ في هذهِ
السورةِ وترِدادِ الكلامِ فبطلَ تعلُّقُهم بهذا وإعظامُهم الأمر فيه.
وإن قالوا فما معنى تكرار: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).
وقوله: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وقوله في سورةِ الرحمن: