تكون السنة في مرتبة متأخرة عنه، وظنوا أيضاً أن قوله: ((أجتهد رأيي)) يعنى: أحكم بالرأي وليس كذلك.
وإذا سأل سائل: هل السنة تنسخ القرآن؟
فالجواب: أننا نقول إذا صحت نسخت القرآن، لكن ليس لهذا مثال سليم.
وأما قول النبي صلي الله عليه وسلم: ((لا وصية لوارث)) (١) فهذا المثال خطا؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ((إن الله أعطى كل ذي حق حقه)) (٢)، فبين في هذا الحديث الناسخ فقط، يعني كأنه يقول الآن الفرائض كفتكم الوصية.
ثم لو تنزلنا تنزيلاً كاملاً فهذا الحديث لم ينسخ الآية، ولو فرضنا أن الرسول قال لا وصية لوارث فقط فما نسخ الآية، لأن الآية في ذلك تقول: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (البقرة: ١٨٠)، وهذا تخصيص وليس نسخاً؛ لأن الأقربين غير الوارثين الوصية باقية فيهم. فهو تخصيص، يعني لو تنزلنا تنزلاً كاملاً مع هؤلاء فليس هذا بنسخ ولكنه تخصيص، والمهم أن هذا المثال لا يصح علي أي تقدير.
* * *
وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدري بذلك لما شاهدوه من
_________
(١) رواه البخاري، كتاب الوصايا باب لا وصية لوارث، بدون رقم.
(٢) رواه ابو داود، كتاب البيوع، باب في تضمين العور، (٣٥٦٥)، والترمذي: كتاب الوصايا باب ما جاء لا وصية لوارث، (٢١٢٠)، وابن ماجه، كتاب الوصايا باب لا وصية لوارث، (٢٧١٣).