الشرح
والآية الكريمة التي ساقها المؤلف زعم بعض الناس أن أصحاب الكهف ليسوا سبعة وثامنهم كلبهم، وتشبثوا بقوله تعالي: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ)، وهذا لا شك أنه غلط في تفسير الاية، لأن الله تعالي قال: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ)، يعني وقد أبطل قولين وسكت عن الثالث، وعلى هذا فيكون الثالث هو الأصح، لأنه لو كان خلاف الأصح لبينه الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه وتعالي لا يعلم الأمر على خلاف ما هو عليه، ثم إنه قال: (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ)، ولو كان المراد بقوله: (ْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم) مع أنه لا يعلمه أحد من الناس لكان متناقضا لقوله (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيل) فالآية بلا شك تدل على أن أصحاب الكهف كانوا سبعة وكان ثامنهم كلبهم.
وهنا نكتى في مسألة العدد، فالله قال: (سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم)، ولم يقل: ثمانية ثامنهم كلبهم، لأن الكلب من غير الجنس، وإذا كان من غير الجنس فإنه لا يدخل في العدد، ولكنه يجعل بعده، ولهذا قال الله عز وجل: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ) ولم يقل من نجوي أربعة إلا هو رابعهم؛ لأنه خالق وهم مخلوقون.
وقوله: (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً)، فسره المؤلف رحمه الله بأن المعنى لا تجهد نفسك في التعمق والجدال في عدتهم، لأنه لا طائل تحته، وهكذا يمر أحياناً في الأحاديث إبهام الرجل صاحب القضية، فيقال: قال الرجل، أو أتى الرجل، أو دخل أعرابي، أو ما أشبه ذلك. فتجد بعض الناس يتعب نفسه في تعيين ذلك الرجل مع أنه لا طائل تحت ذلك، فيشتغل


الصفحة التالية
Icon