والمقصود أن الحديث إذا روي مثلاً من وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطاً كما امتنع أن يكون كذباً، فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وإنما يكون في بعضها، فإذا روى هذا قصة طويلة متنوعة، ورواها الآخر مثلما رواها الأول من غير مواطأة امتنع الغلط في جميعها، كما امتنع الكذب في جميعها من غير مواطأة، ولهذا إنما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة مثل حديث اشتراء النبي صلي الله عليه وسلم البعير من جابر فإن من تأمل طرقه علم قطعاً أن الحديث صحيح (١)، وإن كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن.
الشرح
وهذا هو الذي قلناه قبل قليل. إذا كان في القصة شيء من الدقائق فلا يكفي هذا النقل بل لا بد من طريق آخر يثبت به.
* * *
وقد بين ذلك البخاري في صحيحه، فإن جمهور ما في
_________
(١) في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمة الله تعالي لابن الجوزي صفحة ٢٨، عن الليث بن سعد إمام أهل مصر أن إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز حدثه أنه سمع أباه يقول لابن شهاب الزهري.
ما أعلمك تعرض على شيئا أي من سنة رسول الله ﷺ إلا شيئا قد مر على مسامعي، ومعنى ذلك أنه رضي الله تعالى عنه عارف بالحديث- إلا أنك أوعي له مني، وروي مثله عن معمر عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز.


الصفحة التالية
Icon