عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن المخاطب به وهم المرسل إليهم، ينظر إلي الكلام من حيث هو كلام فقط، وهذا أيضاً خطأ، فإنه بلا شك عند جميع الناس أن الكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به، وبحسب المخاطب به أيضاً.
فمثلاً لو جاءتك كلمة نابية من شخص محترم، وجاءتك مثل هذه الكلمة من شخص ساقط فإن كلمة الأول أشد تاثيراً، لأن كلمة المحترم لها وزن، فإذا وصفني بعيب مثلاً فمعناه أنه حط من قدري، لكن إذا جاء شخص ساقط يسب كل أحد وسبني فلن يهمني كثيراً. مع أن الكلمة واحدة.
كذلك أيضاً، لو أن واحداً تكلم مع شخص فقال: والله هذا رجيل ! ورجيل تصغير رجل- وهو يتحدث عن صبي صغير، صارت مدحاً له، ولكن لو قالها لرجل عاقل كبير صارت ذماً.
إذاً فالكلمة الواحدة تجدها تختلف بحسب المخاطب بها، حتى إن الكلمة التي تصغر تكون أحياناً معناها عظيماً وكبيراً كما قيل:
وكل أناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل
فبعض الناس يأخذ القرآن والحديث ويفسره بحسب ما يقتضيه ذلك اللفظ الظاهر بقطع النظر عن المتكلم به والمخاطب والمنزل عليه وقرائن الأحوال، وهذا خطأ.
* * *
فالأولون راعوا المعنى الذي من غير نظر إلي ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان والآخرون راعوا مجرد اللفظ