تعالي: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن: ٣٣)، إن هذا يعني الوصول إلى القمر وإلى النجوم وما أشبه ذلك، لأن الله قال: (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) والسلطان عندهم العلم. وهذا لا شك أنه تحريف، وأنه حرام ان يفسر كلام الله بهذا، لأن من تدبر الآية وجدها تتحدث عن يوم القيامة، والسياق كله يدل على هذا. ثم إنه يقول: (أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) وهؤلاء ما نفذوا من أقطار السموات، بل ما وصلوا إلي السماء، وأيضاً يقول: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ) وهؤلاء لم يرسل عليهم.
والحاصل أن من الناس من يتجاوز ويغلو في إثبات أشياء من القرآن ما دل عليها القرآن، ومنهم من يفرط وينفي أشياء دل عليها القرآن، لكن يقول هذا ما قاله العلماء السابقون ولا نقبله. لا صرفاً ولا عدلاً، وهذا خطأ أيضاً، فإذا دل القرآن على ما دل عليه العلم الآن من دقائق المخلوقات، فلا مانع من أن نقبله وأن نصدق به إذا كان اللفظ يحتمله، أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فلا يمكن أن نقول به.
* * *
ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم. وهذا كالمعتزلة مثلاً فإنهم من أعظم الناس كلاماً وجدالاً.


الصفحة التالية
Icon