تتابعت خطاه من غير سرعة، فكذلك الترتيل هو التأني في القراءة مع تفصيل الكلم بعضها من بعض جامع لشرائط التجويد والتقويم١.
وقال ابن الجزري: وقال علماؤنا: أي تلبث في قراءته وافصل الحرف من الحرف الذي بعده، ولا تستعجل فتدخل بعض الحروف في بعض٢.
بعد هذا العرض تبين لنا معنى الترتيل المأمور به، وأنه تبيين القراءة وإتباع بعضها بعضاً على تأن وتؤدة مع تجويد اللفظ وحسن تأديته وتقويمه وإخراجه من مخرجه، فهو الأصل ولذلك نوه الله بشأنه حينما أكد الفعل بالمصدر تعظيما لشأنه وترغيباً في ثوابه، ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ ٣، ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ ٤.
وعلى هذا جاءت قراءته صلى الله عليه وسلم.
كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدّاً، ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم. ٥
قال الداني مبيناً وجه الاستدلال من هذا الحديث على وجوب الأخذ بالتجويد: وهذا حديث مخرّج من الصحيح، وهو أصل في تحقيق القراءة، وتجويد الألفاظ، وإخراج الحروف من مواضعها، والنطق بها على مراتبها، وإيفائها صيغتها، وكل حق هو لها، من تلخيص وتبيين ومدّ وتمكين وإطباق وتفش وصفير وغنة وتكرير واستطالة وغير ذلك، على مقدار الصيغة وطبع الخلقة، من

١ الموضح في وجوه القراءات للشيرازي: ١/١٥٤
٢ التمهيد لابن الجزري: ٦١
٣ سورة المزمل آية: ٤
٤ سورة الفرقان آية: ٣٢
٥ فتح الباري شرح صحيح البخاري: ٩/٩١


الصفحة التالية
Icon