فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسول ولأئمة المسلمين وعامتهم" ١.
أما من كان لا يطاوعه لسانه أو كان لا يجد من يهديه إلى الصواب بيانه فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها٢.
أقول: لم يكن ابن الجزري بدعا من الناس فيما صرح به من وجوب الأخذ بالتجويد لكتاب الله وتأثيم المتهاون بتطبيق قواعده الموافقة للغة العرب لمن استطاع إليها سبيلا فقد سبقه إلى ذلك علماء القراءات العالمون بحقائقها ودقائقها وقد تقدم عن الداني ومكي والهذلي والشهرزوري والشيرازي ما يفيد ذلك فأئمة الإقراء كلهم مجمعون على وجوب الأخذ به.
قال الداني مبيناً أن الأخذ بالتجويد من ألزم الأشياء للقارئ وأنه منهج السلف:

من ألزم الأشياء للقراء تجويد لفظ الحرف في الأداء
وكل حرف من حروف الذكر مما جرى قبل ولم يجر
فحقه التفكيك والتمكين وحكمه التحقيق والتبيين
فاستعمل التجويد عند لفظكا بكل حرف من كلام ربكا
فعن قريب بالجزيل تجزى وبنعيم الخلد سوف تحظى
قد جاء في الماهر بالقرآن من الشفاء ومن البيان
ما فيه مقنع لمن تدبره بأنه مع الكرام السفره
هذا مقال الصادق المصدوق فليرغب القراء في التحقيق
وليسلكوا فيه طريق من مضى من الأئمة مصابيح الدجى٣
١ صحيح مسلم بشرح النووي: ٢/٣٧
٢ النشر: ١/٢١٠
٣ الأرجوزة المنبهة: للداني: ٢٩٧


الصفحة التالية
Icon