أي وعلينا تعليمك قراءته، فالقرآن هنا مصدر بمعنى القراءة وليس علماً.
ثالثاً: معرفة ما في القرآن من العلم والعمل وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ أي علينا تعليمك حلاله وحرامه كما علمناك قراءته. ١
وأحاديث مدارسة جبريل للنبي ﷺ بالقرآن في كل رمضان واعتبار الصحابة القراءة سنة متبعة يجب العمل بها والمصير إليها مما تقدم بيانه كل ذلك يستفاد منه أن الأخذ والتلقي والعرض والسماع أمور لابد منها لطالب القرآن مهما بلغت منزلته وعلا كعبه أسوة برسول الله ﷺ وصحابته من بعده والتابعين لهم بإحسان.
روى الداني بسنده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا يقرأ في سورة يوسف (ليسجننه عتى حين) فقال له عمر: من أقرأكها؟ قال أقرأنيها ابن مسعود.
فكتب عمر إلى ابن مسعود رضي الله عنه: سلام عليك أما بعد فإن الله أنزل هذا القرآن فجعله قرآناً عربياً مبيناً، وأنزله بلغة هذا الحي من قريش، فإذا جاءك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل والسلام. ٢
قال الداني معقباً على هذه الرواية: وهذا الخبر أصل كبير ومعناه تعليم عمر عبد الله رضي الله عنهما - رياضة الألسنة، وأمره إياه أن يأخذ من يقرئه بالتفرقة بين الحروف المتشابهة في اللفظ المتقاربة في المخرج، حتى يؤدى القرآن على ما أنزل عليه من القراءات واللغات دون ما يجوز من ذلك من كلام العرب

١ سنن القراء د. عبد العزيز قاري: ٢٤٤
٢ التحديد: ٨٢، المحتسب: ١/٣٤٣، الكشاف: ٢/٣١٧، والعرب تبدل أحد هذين الحرفين من صاحبه لتقاربهما في المخرج.


الصفحة التالية
Icon