فيه قدح صريح لصدر هذه الأمة من القراء الناقلين إلينا كتاب ربنا بحروفه وقراءاته ورواياته وطرقه بهذه الكيفيات والهيئات التي تلقوها وأقرءوا بها ودونوها في كتبهم حتى وصلت إلينا عن طريقهم بالأسانيد المتصلة.
فهل يقول ذو بصيرة أنهم أنشأوها واخترعوها من أنفسهم وأوجبوها على الناس وتناقلها الناس عنهم في كل عصر ومصر.
ولم يخالفهم أحد أو يأخذ على أيديهم لاستحداثهم في كتاب الله ما ليس منه، والله عز وجل قد تكفل بحفظ كتابه ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] والإجماع قائم على أن من زاد في القرآن حركةً أو حرفاً أو نقص من تلقاء نفسه مصراً على ذلك يكفر.
كما أن الإجماع قائم على أن النقص في كيفية القرآن وهيئته كالنقص في ذاته ومادته.
فترك المد والغنة والتفخيم والترقيق، كترك حروفه وكلماته. فإذا كان الجواب قطعاً بالنفي وأنهم برءاء من الاختراع والابتداع بل منهجهم الإتباع، فلا يقرأ أحدهم إلا بما أقرئ، وجب اتباعهم، قال محمد بن صالح: سمعت رجلاً يقول لأبي عمرو ١ كيف تقرأ:
﴿لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ ٢.
قرأ على الحسن البصري، وحميد بن قيس الأعرج، وعلى أبي العالية.
توفي سنة (١٥٤هـ) وقيل غير ذلك.
غاية النهاية: ١/٢٩٢، تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر: ١٢/١٧٨، طبقات خليفة بن خياط: ٢٢٧
٢ سورة الفجر آية ٢٥-٢٦.