مشتملة على انصاف جميع أنواعها من المهموسة والمجهورة والشديدة والرخوة وغيرها كما ذكر تفصيله- وايضا الكلام غالبا يتركب من تلك الحروف الاربعة عشر دون البواقي- قال والمعنى ان هذا المتحدى به مؤلف من جنس هذه الحروف- والحق عندى انها من المتشابهات «١» وهى اسرار بين الله تعالى وبين رسوله ﷺ لم يقصد بها إفهام العامة بل إفهام الرسول ﷺ ومن شاء افهامه من كمل اتباعه قال البغوي قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه في كل كتاب سر وسر الله تعالى في القران أوائل السور- وقال علىّ رضى الله عنه ان لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي- وحكاه الثعلبي عن ابى بكر وعن علىّ وكثير- وحكاه السمرقندي عن عمرو وعثمان وابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين وحكاه القرطبي عن سفيان الثوري- والربيع بن خثعم- وابى بكر ابن الأنباري- وابن ابى حاتم وجماعة من المحدثين- قال السجاوندى المروي عن الصدر الاول في الحروف التهجي انها سر بين الله وبين نبيه صلى الله عليه وسلم- وقد يجرى بين المحرمين كلمات معميات يشير الى اسرار بينهما- وقيل انّ الله تعالى استأثر بعلم المقطعات والمتشابهات ما فهمه النبي ﷺ ولا أحد من اتباعه- وهذا بعيد جدّا فان الخطاب للافهام فلو لم يكن مفهمة كان الخطاب بها كالخطاب بالمهمل او الخطاب بالهندي مع العربي- ولم يكن القران باسره بيانا وهدى- ويلزم ايضا الخلف في الوعد بقوله تعالى- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ- فانه يقتضى ان بيان القران محكمه ومتشابهه من الله تعالى للنبى ﷺ واجب ضرورى- وروى عن ابن
عباس انا من الراسخين في العلم وانا ممن يعلم تأويله- وكذا

(١) المتشابه فيه قولان أحدهما انه يرجى نيل المراد منه بضرب من التأويل والتأمل والثاني انه لا يرجى نيل المراد منه فعلى القول الاول الرسول وغيره في ذلك سواء والادلة التي ذكرت هاهنا يؤيد هذا القول وعلى القول الثاني هو مختار الحنفية رحمهم الله ايضا الرسول وغيره سواء والادلة المذكورة مخدوشة عندهم فينبغى تفصيل المذهبين وكذا دليل كل من الفريقين مع الجواب عن دليل المخالف حتى ينتظم الكلام- قلت المتشابه التي يشتبه على السامع العارف باللغة المراد بحيث لا يدرك بالطلب ولا بالتأمل الا بعد بيان من الشارع فان بينه النبي ﷺ حتى ظهر المراد منه سميت مجملا على اصطلاح الأصوليين كالصلوة والزكوة والحج والعمرة واية الربوا ونحو ذلك وان لم يوجد البيان والتعليم من النبي ﷺ سميت متشابها على اصطلاحهم- والمتشابه بهذا المعنى أخص من المتشابه بالمعنى المذكور سابقا فالمقطعات واليد والوجه والاستواء على العرش من هذا القبيل- واختلف كلام العلماء في هذا النوع فقيل يمكن تأويله وقيل لا يمكن تأويله بل يجب الايمان به وتفويض المراد منه الى الله سبحانه فقيل استأثر الله سبحانه بعلمه ما فهم النبي ﷺ مراده ولا أحد من اتباعه وبه قال اكثر العلماء وقيل بل فهمه النبي ﷺ ومن شاء افهامه من اتباعه وهو سر بين الله وبين رسوله ﷺ وهو المختار عندى وما يدل على هذا من اقوال الصحابة مذكور في الكتاب- منه برد الله مضجعه


الصفحة التالية
Icon