وببيان المستثنى تبين الباقي ويزول الإبهام وحينئذ تقدير الكلام قم الليل الا نصفه والمعنى واحد واطلاق القليل على النصف بالنسبة الى الكل ولان عدم القيام اى النوم فى نصف الليل قليل من النوم المعتاد فان الله تعالى جعل الليل لتسكنوا فيه ولانه إذا قام نصف الليل للتهجد بقي نصف الاخر وفيه صلوة المغرب والعشاء وحوائج البشر من الاكل والشرب والخلاء فلم يبق لاجل النوم الا قليل من النصف وقيل نصفه بدل من الليل والاستثناء منه اى من النصف وتقديره قم نصف الليل الا قليلا فحينئذ يلزم الاستثناء من النصف قبل ذكره مع ان كلمة نصفه حينئذ بدل البعض من الليل وحكم بدل البعض فى القصر حكم الاستثناء فمقتضى الكلام تقديم القصر بالاستثناء على القصر بالبدل وايضا يلزم حينئذ كون الكلام مجملا بعد البيان أَوِ انْقُصْ عطف على قم الليل مِنْهُ اى من النصف الباقي بعد الاستثناء قَلِيلًا اى زمانا قليلا او نقصانا قليلا وذلك ان يكون القيام اكثر من نصف النصف اى الربع.
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ اى على النصف ما شئت فالمامور به فى هذه الاية القيام اكثر من الربع ولو ساعة والظاهر ان الأمر بالقيام فى هذه الاية للوجوب كما هو مقتضى الأمر فى الأصل فمقتضى الكلام البغوي وهو المستفاد من قول عائشة وغيرها ان قيام الليل بهذه الاية كان واجبا على النبي ﷺ وعلى أمته ثم نسخ قال البغوي كان النبي ﷺ وأصحابه يقومون على هذه المقادير فكان الرجل لا يدرى متى ثلث الليل ومتى النصف ومتى الثلثان فكان يقوم حتى يصبح مخافة ان لا يحفظ القدر الواجب واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم فرحمهم الله تعالى وخفف عنهم ونسخها بقوله فاقرءوا ما تيسر منه وكان بين أول السورة وآخرها سنة عن سعيد بن هشام قال انطلقت الى عائشة فقلت يا أم المؤمنين انبئينى عن خلق رسول الله ﷺ قالت الست تقرأ القران قلت بلى قالت فان خلق نبى الله كان القران قلت فقيام رسول الله ﷺ يا أم المؤمنين قالت الست تقرأ يايها المزمل قلت بلى قالت فان الله افترض القيام فى أول هذه السورة فقام رسول الله ﷺ وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم وامسك الله تعالى خاتمتها اثنى عشر شهرا فى السماء ثم انزل التخفيف فى اخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة رواه ابو داود والنسائي والبغوي وكذا اخرج الحاكم واخرج ابن جرير مثله عن ابن عباس وغيره قال مقاتل وابن كيسان كان هذا بمكة قبل ان يفرض الصلوات الخمس ثم نسخ ذلك بالصلوة الخمس والظاهر عندى ان الوجوب