عليهم الشراب فيأبون قبوله منهم ويقولون لقد طال أخذنا من الوسائط فاذا هم بكأسات تلاقى أفواههم بغير اكف من غيب الى عبد ويؤيد هذا القول ما اخرج ابن ابى الدنيا بسند جيد عن ابى امامة قال ان الرجل من اهل الجنة يشتهى الشراب من شراب الجنة فيقع فى يده فيشرب ثم يعود الى مكانه قال الشيخ الاجل يعقوب الكرخي رض ان السابقين المقربين يعطون الكاسات من تحت العرش بلا واسطة والمقتصدين يعنى الأبرار يعطيهم الملائكة وغيرهم من اهل الجنة يعنى الذين دخلوها بعد المغفرة او العذاب يعطيهم الولدان انتهى قلت
وهذه الآيات اخبار عن شان الأبرار فلعلهم يعطون الكاسات تارة بتوسط الولدان وتارة بتوسط الملائكة وتارة بلا توسط واما المقربون فلعلهم يعطون بلا توسط غالبا.
إِنَّ هذا النعيم كانَ لَكُمْ جَزاءً لاعمالكم وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ع محمودا مقبولا مرضيا عندنا مجازا فقال فهذا قول لهم من الله تعالى كأنهم شكر لهم من الله تعالى حيث لم يريدوا مشكورا من غيره تعالى من المسكين واليتيم قلت جعل الله سبحانه نعيم الجنة جزاء لاعمالهم تفضلا لهم والا فأى عمل يتصور ان يكون جزاءه كذلك.
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ج قال ابن عباس يعنى متفرقا اية بعد اية ولم ينزل جملة واحدة وتأكيد الجملة بتقديم المسند اليه على الجزاء الفعلى وتصديرها بان وتكرير الضمير لاشعار بأن الحكمة والصواب منحصر فى هذا النوع من التنزيل كانه كرر الاسناد الى نفسه وجعله مختصا به والحكيم لا يفعل الا ما هو حكمته.
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ الفاء للسببية يعنى إذا عرفت حال الأبرار والفجار وتأخير جزاء الفريقين اى دار القرار فاصبر على أذى الكفار ولا تعجل فى عقوبتهم ولا تحزن بتأخير نصرك عليهم وإذا علمت ان تنزيل القران مختص به تعالى فاصبر نفسك على ما امر به وعما نهى عنه وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ اى من الكفار للضجر من تأخير الظفر آثِماً اى مرتكبا لاثم داعيا لك اليه وان لم يكن ذلك كفرا- أَوْ كَفُوراً ج مرتكبا للكفر داعيا لك الى الكفر فاو لاحد الامرين منكر وقعت فى حيز النفي فافادت العموم اى لا تطع أحدا دعاك الى اثم او دعاك الى كفر او إليهما جميعا فانه داع الى كل واحد منهما ولو وقعت هناك الواو لكان المعنى لا تطع من دعاك الى الكفر والإثم جميعا ولا يستفاد منه عدم إطاعة الداعي الى الإثم فقط ومقتضى هذه الاية انه لا بأس فى إطاعة كافر فيما ليس بإثم ولا كفر


الصفحة التالية
Icon