ان الأعمال انما هى بالنيات وما كانت فى نية النبي - ﷺ - الاعراض عنه مطلقا بل كان غرضه ان هذا الرجل مؤمن لا يضره التأخير فى تعليمه ولا يخاف منه التولي والانحراف وان صناديد قريش عند الاعراض عنهم يذهبون ولا ينظرون ولو انهم أمنوا لا من معهم خلق كثير وتساع كلمة الله فبهذا الغرض كانه لم يصدر عن النبي - ﷺ - التولي عن الأعمى وان وجد منه صورة التولي وثانيها انه ذكر الإيماء الى الاعتذار منه ﷺ بانك لم تكن تعلم والا لما صدر عنك ذلك وثالثها الالتفات اليه من الغيبة الى التخاطب أينا ساله دفعا للايحاش وإقبالا عليه دفعا لتوهم الاعراض ورابعها اسناد موجب العذر اليه ﷺ بالتخاطب تصريحا بكونه معذورا فيما صدر عنه لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أصله يتزكى اى يتطهر بكماله من الشرك الجلى والخفي ورزائل النفس وهوائها وتعلق القلب بغير الله سبحانه وذهاب الغفلة عن سائر لطايف عالم الأمر وزوال صولة كل عنصر من عناصر عالم الخلق بفيض صحبة النبي - ﷺ - وبركة أنفاسه الشريفة واقتباس أنواره الظاهرة والباطنة.
أَوْ يَذَّكَّرُ أصله يتذكر اى يشتغل بما يذكر الله سبحانه ويزيد حضوره ويفيد خشيته من عذابه ورجاء ثوابه فَتَنْفَعَهُ قرأ عاصم بالنصب على جواب لعل والباقون بالرفع عطفا على يذكر الذِّكْرى فى الصحاح الذكرى كثرة الذكر وهو ابلغ من الذكر لقوله تعالى لعله يزكى اشعار الى غاية منازل الأبرار وقوله او يذكر اشارة الى بداية حال الأخيار ولم يذكر هاهنا حال المقربين الصديقين لان المقام مقام الانانية واما المقربون فملاك أمرهم على الاجتباء وذلك بالاصالة مختص بالأنبياء وبالوراثة والطفيل لمن شاء الله تعالى من الأصفياء وكلمة او بين لمنع الخلو دون الجمع كما فى قوله جالس الحسن او ابن سيرين والجملة معترضة لما ذكرنا من الفوائد والبيان صلوح الأعمى للخطاب وفيه تعريض بان صناديد قريش ليسوا بأهل للخطاب وفيه تعريض لا يرجى ما يقصد منهم كمن يقرا مسئلة لمن لا يفهمها وعنده اخر قابل لفهمها فيقال بل هذا يفهم ما تقول وقيل ضمير لعله راجع الى الكافر يعنى انك تطمع منه تزكى او تذكر وما يدريك ان ما تطمع فيه كاين وعلى هذا جملة لعله يزكى مفعول ثان ليدريك والله تعالى اعلم.
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى قال ابن عباس استغنى عن الله وعن الايمان بماله من المال.
فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى قرأ نافع وابن كثير بتشديد الصاد


الصفحة التالية
Icon