عند كلهم ثواب الاخرة قالوا معنى الكلام ان بعد العسر يسرا وانما أورد مع موضع بعد مبالغة فى معاقبة اليسر للعسر واتصاله به اتصال المتقاربين وعندى المراد بالعسر التوجه الى الخلق فى مقام النزول الموجب للحزن والغم والمراد باليسر الاول التوجه الى الخالق فى عين مقام النزول فان الصوفي فى تلك الحالة وان كان فى بادى النظر معرضا من الله تعالى متوجها الى الخلق لكنه فى الحقيقة ليس بمعرض عنه تعالى بل مقبل اليه ايضا واتسع صدره للتوجهين جميعا بل التوجه الى الخلق لما كان بإذن الله وعلى حسب امره ومرضاته فهو ايضا فى الحقيقة توجه الى الله سبحانه ومن ثم سمى هذا اليسر السير من الله بالله فعلى هذا كلمة مع فى قوله تعالى فان مع العسر يسرا بمعناه الحقيقي بمعنى المقارنة واما كلمة مع فى الجملة الثانية فلا شك انه على المجاز كما قالوا او معنى الكلام على هذا التأويل لا تحزن فان مع العسر والتوجه الى الخلق الموجب لحزنك يسرا وتوجها الى الخالق ليست بهجوب عنه الاخرة وخلوص التوجه الى الله تعالى فى الاخرة من غير شائبة حجاب وغيبة.
فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قال المفسرون النصب التعب والمعنى فاذا فرغت من دعوة الخلق فانصب واتعب بالعبادة شكرا لما عددنا عليك من النعم السابقة ووعدناك بالنعم الآتية او المعنى إذا فرغت من عبادة فانصب فى عبادة اخرى ولا تجعل وقتا من أوقاتك ضائعا خاليا قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ليس يتحسر اهل الجنة الأعلى ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله فيها وقال ابن عباس وقتادة والضحاك ومقاتل والكلبي إذا فرغت من الصلاة المكتوبة او مطلق الصلاة فانصب الى ربك فى الدعاء وارغب اليه فى المسألة يعنى قبل السلام بعد التشهد او بعد السلام وقال الشعبي إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك وآخرتك وقال ابن مسعود إذا فرغت من الفرائض فانصب فى قيام الليل وقال الحسن وزيد بن اسلم إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب فى عبادة ربك وهذا معنى قوله ﷺ رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر وقال منصور عن مجاهد إذا فرغت من امر الدنيا فانصب فى عبادة ربك وقال حبان عن الكلبي إذا فرغت من تبليغ الرسالة فانصب اى استغفر لذنبك وللمومنين فوجه اتصال هذه الاية بما سبق ان عند النعماء سبب للشكر واما على تأويلنا فمعنى الاية إذا فرغت


الصفحة التالية
Icon