والمسافر فان قيل مقتضى البلاغة تأكيد الكلام على قدر انكار المخاطب وكون الإنسان مخلوقا على احسن صورة ثم رده بالهرم الى ضعف امر بديهي لا ينكره أحد فكيف أورد الكلام بالقسم ولام التأكيد وكلمة قد على هذا التأويل قلنا لما كان تحول الأحوال على الإنسان دليلا واضحا على جواز الاعادة والجزاء والكفار كانوا ينكرون الاعادة والجزاء كانهم أنكروا التحول لانه من أنكر المدلول فكانه أنكر الدليل الواضح لاستلزام أحدهما الاخر.
فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ المخاطب به الإنسان على سبيل الالتفات يعنى فاى شىء يحملك ايها الإنسان على التكذيب بالجزاء أو اى شىء جعلك كاذبا حيث تقول خلاف الحق ان لا بعث ولا جزاء بعد تلك الدلائل الواضحة من نفسك ان خلقك فقويك ثم ضعفك فاماتك قادر على اعادتك وجزاء أعمالك والاستفهام للتوبيخ والإنكار يعنى لا ينبغى لك التكذيب بالجزاء او المخاطب به النبي - ﷺ - وما للنفى وللاستفهام الإنكاري والمعنى لا شىء يكذبك او فاى شىء يكذبك اى يدل على كذبك فى قولك بالجزاء بالدلائل الواضحة على صدقك فينظر هذه الاية قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين وقيل ما بمعنى من والاستفهام للتعجب يعنى من ينسبك الى الكذب بعد تلك الشواهد على الصدق عجبا منه.
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ ع استفهام إنكاري للنفى ونفى النفي اثبات فهو تحقيق وتقرير لما سبق والمعنى أليس الذي فعل ذلك من الخلق والرد باحكم الحاكمين صنعا وتدبير او من كان كذلك كان قادرا على الاعادة والجزاء والجملة لتسلية النبي ﷺ على تكذيب الكفار إياه مكابرة وعنادا او وعيد للكفار والمعنى أليس الله باقضى القاضين فهو يحكم بينك وبين من كذبك يا محمد كذا قال مقاتل او هى فى مقام التعليل بقوله تعالى فما يكذبك لا ينبغى لك ايها الإنسان التكذيب قال الله احكم الحاكمين عليك بالعذاب عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من قرأ بالتين فانتهى الى آخرها أليس الله باحكم الحاكمين فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين رواه ابو داود وعن البراء ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان فى سفر فقرأ فى العشاء فى أحد الركعتين بالتين والزيتون رواه البخاري والله تعالى اعلم.


الصفحة التالية
Icon