وما ارتكبه النبي - ﷺ - من مخالفة جميع الناس فى ايام العسرة واستيلاء ظلمة الكفر ولما كان هذا الاستبعاد منهم مستقرا قويا فى زعمهم أكدوا قولهم انك لمجنون بان ولام القسم وبناء على شدة انكارهم أكد الله سبحانه الجواب بالقسم وزيادة الباء فى خبر بالتاكيد النفي وفيه نفى المجنون عنه - ﷺ - بحال تلبسه بنعمة الله ليكون هذا القيد بمنزلة البينة والبرهان على النفي فانه من كان بهذه المثابة من العلم والعقل والفهم والكمال فالقول فيه بانه مجنون سفسطة لا يقول به الا من هو ابلد من الحمار وأحمق من ابن حنيفة الم تسمع ان الأتان سجدت الى الكعبة ثلثا حين ركبت حليمة مع النبي - ﷺ - عليها وقالت الأتان على ظهره خير النبيين وسيد المرسلين وخير الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين - ﷺ - كذا ذكر فى المواهب اللدنية فى حديث طويل فالكفار ابلد من الحمار.
وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً على احتمال الأذى وتبليغ الرسالة والتنكير للتعظيم غَيْرَ مَمْنُونٍ اى مقطوع او ممنون به عليك من الناس فان الله يعطيك وعلى الناس منة منك والجملة معطوفة على جواب القسم او حال من أنت وكذلك قوله تعالى.
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فانك تحتمل من قولك ما لا يحتمل امثالك قال رسول الله - ﷺ - وما أوذي أحد ما أوذيت فى الله رواه ابو نعيم فى الحلية عن انس وابن عساكر عن جابر نحوه وعن ابى هريرة قال يا رسول الله ادع على المشركين قال انى ما ابعث لعانا وانما بعثت رحمة رواه مسلم والكفار لما رموه - ﷺ - بالجنون والجنون لا يستحق اجرا او لا يكون له حق حسن فايراد هذين الجملتين على العطف والحال تأكيد لما سبق من نفى الجنون ورد لقول الكفار على ابلغ الوجوه قال ابن عباس ومجاهد خلق عظيم دين عظيم ولا دين أحب الى ولا ارضى عندى منه وهو دين الإسلام قال الحسن هو آداب القران سئلت عايشة عن خلق رسول الله - ﷺ - فقالت كان خلقه القران الست تقرأ القران قد أفلح المؤمنون إلخ رواه مسلم وأخرجه البخاري فى الأدب المفرد وقال قتادة هو ما كان يأتمر به من امر الله وينتهى عنه من ما نهى الله عنه يعنى انك على الخلق الذي أمرك الله به فى القران وقال جند الخلق العظيم ان لا يكون همته غيره تعالى فصل فى أخلاقه - ﷺ - عن البراء قال كان رسول الله - ﷺ - احسن الناس وجها أحسنه