قال سئل رسول الله - ﷺ - عن يوم كان مقداره خمسين الف سنة ما أطول هذا اليوم فقال والذي نفسى بيده انه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون من الصلاة المكتوبة يصليها فى الدنيا قلت فعلى هذا التأويل لا تصادم بين هذه الاية وبين قوله تعالى فى تنزيل السجدة يدبّر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون إذ معناه يحكم الله تعالى بالأمر وينزل به جبرئيل من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه جبرئيل فى يوم من ايام الدنيا وكان قدر سيره الف سنة خمسمائة سنة نزوله وخمسمائة عروجه لان ما بين السماء والأرض خمسمائة عام يعنى لو سار تلك المسافة واحد من بنى آدم لم يقطعه الا فى الف سنة لكن الملائكة يقطعون فى يوم واحد بل فى ادنى زمان اخرج البيهقي من طريق ابى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى تعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون قال هذا فى الدنيا تعرج الملائكة فى يوم كان مقداره الف سنة وفى قوله تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة قال هذا يوم القيامة جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين الف سنة وقيل المراد من الآيتين يوم القيامة يكون على بعضهم أطول وعلى بعضهم اقصر حتى يكون على المؤمنين أهون من الصلاة المكتوبة كما مر واخرج الحاكم والبيهقي عن ابى هريرة مرفوعا وموقوفا يكون على المؤمنين كمقدار ما بين الظهر والعصر وحينئذ معنى قوله تعالى يدبّر الأمر من السماء الى الأرض مدة ايام الدنيا ثم يعرج اى يرجع الأمر والتدبير اليه بعد فناء الدنيا وانقطاع امر الأمراء وحكم الحكام فى يوم كان مقداره الف سنة وقيل الظرف فى هذه الاية اعنى قوله تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة متعلق بيعرج كما هو متعلق فى سورة التنزيل ووجه الجمع بين الآيتين ان المراد فى اية سورة التنزيل انه يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه من الأرض الى السماء فى يوم وقدر مسيره الف سنة لان ما بين السماء والأرض خمسمائة عام فصار نزوله وعروجه الف سنة والمراد فى هذه السورة مدة المسافة من منتهى الأرض السابعة الى منتهى أعلى السموات فوق السماء السابعة قال البغوي روى ليث عن مجاهد ان مقدار هذا خمسين الف
سنة وقال محمد بن اسحق لو سار ابن آدم من الدنيا الى موضع العرش سيرا طبيعنا له سار خمسين الف سنة ومن هاهنا قالت الصوافية العلية ان فناء القلب الذي يحصل للصوفى بالجذب من الله تعالى بتوسط النبي - ﷺ - والمشائخ لو أراد


الصفحة التالية
Icon