والنظر لمصلحتهم وفيه انهم لانهماكهم فى الشهوات كانهم كانوا شاكين فى الموت قال ابن عباس بعث نوح وهو ابن أربعين وعاش بعد الطوفان ستين سنة وقال مقاتل بعث وهو ابن مائة سنة وقيل ابن خمسين سنة وقيل مائتين وخمسين سنة وكان عمره الفا واربعمائة وخمسين سنة ولا شك فى انه لبث يدعوا قومه الف سنة الا خمسين عاما وروى الضحاك عن ابن عباس ان قوم نوح كانوا يضربون نوحا حتى يسقط فيلقونه فى لبد ويلقونه فى بيت انه قد مات فيخرج فى اليوم الثاني ويدعوهم الى الله سبحانه وتعالى وحكى محمد بن اسحق عن عبيد بن عمر الليثي انه بلغه انهم كانوا يبطشون بنوح عليه السلام فيخنقونه حتى تغشى عليه فاذا أفاق قال رب اغفر لقومى فانهم لا يعلمون حتى إذا عادوا فى المعصية واشتد عليه منهم البلاء انتظر النجل فلا يأتي قرن الا كان أخبث من الذين قبلهم حتى كان الآخرون منهم ليقولن قد كان هذا مع ابائنا وأجدادنا هكذا مجنونا لا يقبلون منه شيئا فح شكى الى الله عز وجل و.
قالَ وفى الكلام حذف اختصارا تقديره قال نوح كذا فكذبوه فلم يزل نوح على دعوتهم والقوم على إنكاره حتى قال نوح رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً اى دائما.
فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي قرأ الكوفيون دعائى بإسكان الياء والباقون بالفتح إِلَّا فِراراً عن الايمان والطاعة واسناد الزيادة الى الدعاء على السببية كقوله تعالى فزادتهم ايمانا زادتهم رجسا.
وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ الى الايمان لِتَغْفِرَ لَهُمْ بسبب الايمان جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة- وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ يغطوا بها لئلا يروه وَأَصَرُّوا على الكفر والمعاصي وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً عظيما.
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً منصوب على المصدرية لانه أحد نوعى الدعاء او صفة مصدر محذوف اى دعاء جهارا اى مجاهرا به او عن الحال بمعنى مجاهرا ثُمَّ إِنِّي قرأ الكوفيون وابن عامر بإسكان الياء والباقون بالفتح.
أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً وكلمة ثم لتفاوت الوجوه فان الجهار اغلظ من الاسرار والجمع بينهما اغلظ من الافراد والتراخي بعضها عن بعض.
فَقُلْتُ بيان لقوله دعوتهم وقال البغوي ان قوم نوح لما كذبوه زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر وأعقم


الصفحة التالية
Icon