من الانس يعوذون برجال من الجن فَزادُوهُمْ اى زاد الانس الجن باستعاذتهم بقادتهم رَهَقاً قال ابن عباس اثما وقال المجاهد طغيانا وقال مقاتل غيا وقال الحسن شرا وقال ابراهيم عظمة وذلك ان الجن كانوا يقولون سدنا الجن والانس او المعنى فزاد الجن الانس غيابان أضلوهم حتى استعاذوا بهم والرهق غشيان الشيء والمراد هاهنا غشيان المحارم والإثم وفى هذه الجملة ايضا اعتراف بسوء عقيدتهم فيما قيل.
وَأَنَّهُمْ اى الانس ظَنُّوا ظنا كَما ظَنَنْتُمْ يا معشر الجن أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً بعد موته ان لن يبعث قائم مقام المفعولين يعنى نزل القران أمنوا بالغيب بعد فساد ظنهم فانتم ايضا ايها الجن أمنوا بالبعث كايمانهم قال ذلك بعضهم لبعض هذا على قراءة كسر ان واما على تقدير فتحها فهذه الجملة وما قبلها اعنى كان رجال إلخ معترضات من كلام الله تعالى معطوفتان على انه استمع يعنى اوحى الى هذين الامرين وتاويل الاية على هذا التقدير انهم اى الجن ظنوا كما ظننتم ايها الكفار من قريش مكة عدم البعث فلما نزل القران واستمع الجن أمنوا بالبعث فعليكم ايها الكفار ان تؤمنوا كما أمنوا.
وَأَنَّا لَمَسْنَا أردنا المس السَّماءَ بعد مبعث النبي ﷺ والظاهر ان المراد بالسماء السحاب فان السماء يطلق على ما هو فوقك ويدل على هذا التأويل حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت سمعت رسول الله ﷺ يقول ان الملائكة تنزل فى العنان وهو السحاب فتذكر لامر الذي قضى فى السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتتوجه الى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم رواه البخاري فان قيل قد وقع فى بعض الاخبار بلفظ يدل على حقيقة السماء عن ابى هريرة رض ان النبي صلى الله تعالى عليه واله وسلم قال إذا قضى الله الأمر فى السماء ضربت الملائكة بأجنحتها فضعانا لقوله كانه سلسلة على صفوان فاذا فرغ عن قولهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الذي قال الحق وهو العلى الكبير فسمعها مسترقوا السمع هكذا بعضه فوق بعض ووضع سفيان بكفه ليستمع الكلمة فيلقها الى من تحته ثم يلقها الاخر الى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر او الكاهن فربما أدرك الشهاب قبل ان يلقيها وربما ألقيها قبل ان يدركه فيكذب معه مائة كذبة الحديث رواه البخاري وفى حديث ابن عباس ربنا تبارك وتعالى إذا قضى امرا سبح حملة العرش ثم سبح اهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح اهل هذه السماء الدنيا ثم قال الذين يحملون العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم


الصفحة التالية
Icon