قرينا لك ملكا يعاينوه او جعلنا الرسول ملكا فانهم تارة يقولون لولا انزل معه ملكا فيكون معه نذيرا وتارة يقولون لو شاء ربنا لانزل ملئكة لَجَعَلْناهُ رَجُلًا يعنى لمثلناه رجلا كما كان جبرئيل يتمثل للنبى ﷺ غالبا فى صورة دحية لان القوة البشرية لا يقوى على روية الملك فى صورته وانما رأهم كذلك الافراد من الأنبياء أحيانا لقوتهم القدسية ولان الرسول برزخ بين الخالق والخلق ولا بد فى البرزخ من المناسبتين مناسبة بالخالق كى يتلقى الفيوض من جنابه المقدس ومناسبة بالخلق كى يفيض عليهم ما استفاض من الجناب المقدس فان الافادة والاستفادة لا يتصور من غير مناسبة فالرسول له مناسبة باطنية بالخالق فان مبدأ تعينه صفة من صفات الله تعالى بخلاف سائر الخلائق سوى الأنبياء والملائكة فان مبادى تعيناتهم ظلال الصفات فلا بد ان يكون للرسول مناسبة صورية بالناس المرسل إليهم ولان بناء التكليف على الايمان بالغيب فلابد من التلبيس والتخليط لبقاء التكليف ومن ثم قال الله تعالى وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ اى لخلطنا واشكلنا عليهم فلا يدرون انه ملك بل يقولون ما هذا الا بشر مثلكم ما يَلْبِسُونَ على أنفسهم من امر الرّسول بعد ظهور رسالته بالآيات ثم سلى نبيه ﷺ على ما أصابه من استهزاء قومه بقوله.
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ كما استهزئك يا محمد فلا تهتم فَحاقَ قال الضحاك أحاط وكذا فى القاموس وقال الربيع بن انس نزل وقال عطاء حل بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ فكذا يحيق بهؤلاء ما يستهزءون بك وما موصولة او مصدرية والمضاف على التقديرين محذوف يعنى أحاط بهم وبال الذي كانوا يستهزءون به او وبال كونهم مستهزئين.
قُلْ يا محمد سِيرُوا فِي الْأَرْضِ بالاقدام او بالعقول والقوى الفكرية معتبرين ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ اى جزاء أمرهم وكيف أورثهم الكفر والتكذيب الهلاك والخسران فان قيل جاء فى موضع اخر قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين بكلمة الفاء وهاهنا بكلمة ثم والفاء للتعقيب بلا مهلة وثم للتراخى فكيف التوفيق قلنا السير ممتد والنظر على مساكن المكذبين من الأمم السابقة يقع متراخيا بالنسبة الى ابتداء السير غالبا ويترتب على بعض اجزاء السير بلا مهلة فايراد الفاء نظرا الى بعض اجزاء