إياك راجع الى الله تعالى فانهم انما يكذبونك من حيث الرسالة وتكذيب الرسول من حيث انه رسول تكذيب للمرسل.
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله ﷺ يعنى كذّبهم قومهم كما كذبك قومك وفيه دليل على ان قوله لا يكذبونك ليس على حقيقة بل المراد منه ان تكذيبه ﷺ راجع الى تكذيب الله سبحانه قال رسول الله ﷺ من آذاني فقد أذى الله فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا يعنى على تكذيبهم وإيذائهم حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا جعل غاية الصبر النصر فاصبر أنت ايضا كما صبروا حتى يأتيك النصر ففيه وعد بالنصر وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ اى لمواعيده بالنصرة لانبيائه قال الله تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون وقال انا لننصر رسلنا وقال كتب الله لاغلبن انا ورسلى وجاز ان يكون المعنى لا مبدل لقضائه وكلماته التكوينية يعنى متى لم يأت وقت النصر لا فائدة للاضطراب بل لا بد من الصبر وإذا جاء وقت النصر لا مرد له وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ من زائدة عند الأخفش وتبعيضية عند سيبويه حيث لا يجوز زيادة من فى الكلام الموجب يعنى جاءك ما يكفيك للتسلية من نبأ المرسلين ولما كان رسول الله ﷺ حريصا أشد الحرص على ايمان قومه وكان يشق عليه اعراضهم من الايمان وكان إذا سئلوا اية أحب ان يريهم الله تعالى طمعا فى ايمانهم انزل الله تعالى.
وَإِنْ كانَ كَبُرَ اى شق عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ عن الايمان بما جئت به فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ تطلب نَفَقاً سريا فِي الْأَرْضِ صفة لنفقا يعنى تطلب منفذا تنفذ الى جوف الأرض فتطلع لهم اية أَوْ سُلَّماً يعنى مصعدا فِي السَّماءِ صفة سلما يعنى تطلب مصعدا جانب العلو تصعد منه الى السماء فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ فتنزل منها اية وجواب الشرط الثاني محذوف يعنى فافعل والجملة جواب للشرط الاول والحاصل انك لا تقدر على إتيان اية فلا تتعب وان كبر عليك اعراضهم بل تصبر وَلَوْ شاءَ اللَّهُ هدايتهم أجمعين لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فان مشية العباد مخلوقة لله تعالى تابع للمشية لكنه لم يشأ لحكمة لا يعلمها الا الله ولا تتمالك أنت فلا تتعب واصبر فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ فان اتعاب النفس فيما لا يفيد والجزع


الصفحة التالية
Icon