لم يكن مختصا بمن ذكر بل امره الله تعالى بان يقول اوحى الىّ هذا القران لانذركم به ومن بلغ وايضا لا وجه لتخصيص الانذار بالمفرطين فان المجتهدين فى العمل ايضا ينفعهم الانذار كيلا يخرجوا من اجتهادهم كيف ولم يكن من المؤمنين فى خير القرون مفرط بل كلهم كانوا مجتهدين فالاولى ان يقال المراد بالموصول من كان من شانه ان يخاف فيعم الناس أجمعين فان العبد المقهور حقيق ان يخاف الخالق القهار او يقال خص الخائفون بالذكر لانهم هم المنتفعون بالإنذار لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ اى من دون الله وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ الجملة فى موضع الحال من الضمير فى يحشروا فان المخوف هو الحشر فى هذا الحال يعنى يحشرون غير منصورين ولا مشفوعا لهم قلت وجاز ان يكون مضمون هذه الجملة بدلا من الضمير المجرور فى انذر به يعنى انذر بان ليس لهم من دون الله من ولى ولا شفيع فلا يعبدوا ولا يدعوا الا إياه فان قيل هذه الاية ينفى الولاية والشفاعة لغير الله تعالى من الأولياء والأنبياء قلنا لا بل ولاية الأولياء وشفاعتهم انما هى بإذن الله تعالى فهى ولاية الله تعالى وشفاعته لا غير لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى لكى يتقوا روى احمد والطبراني وابن ابى حاتم عن ابن مسعود قال مر الملأ من قريش على رسول الله ﷺ وعنده خبّاب وصهيب وبلال وعمار فقالوا يا محمد رضيت بهؤلاء أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا لو طردت هؤلاء لاتبعناك فانزل فيهم القران وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم الى قوله سبيل المجرمين وروى ابن حبان والحاكم عن سعد ابن ابى وقاص قال لقد نزلت هذه الاية فى ستة انا وعبد الله بن مسعود واربعة قالوا يعنى كفار قريش رسول الله ﷺ اطردهم فانا نستحيى ان نكون تبعا لك كهولاء فوقع فى نفس النبي ﷺ ما شاء الله فانزل الله تعالى وروى مسلم بلفظ كنا مع النبي ﷺ ستة نفر فقال المشركون اطردهم لا يجترؤا علينا قال كنت انا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسمها فوقع فى نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله ان يقع فحدث نفسه فانزل الله تعالى.
وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ اى يعبدونه ويذكرونه فان عبادة الكريم وذكره داع الى انعامه وقيل المراد منه حقيقة الدعاء بِالْغَداةِ قرأ ابن عامر هاهنا